بشاعة الجرائم الدموية التي ارتكبت بمدينة الثورة ببغداد فمن هم القتلة؟

 

يوم أول أمس كان يوماً دامياً بالنسبة لسكان مدينة الثورة الكادحة وللشعب العراقي بأسره، كان يوماً حزيناً فجعت عشرات العائلات بسقوط عشرات الشهداء مضرجين بدمائهم وأشلائهم المتناثرة في كل مكان وتلك التي يحملها الباء والأخوة, إضافة إلى عشرات الجرحى والمعوقين. عشرات الناس الباكيات واللاطمات على موتاهم وأصواتهم تقطع نياط القلوب. كان يوماً مريراً لكل من يملك ضميراً نقياً وحساً وطنياً وإنسانياً شريفاً ومن يدرك بشاعة الجرائم التي ترتكب يومياً بالعراق في ظل حكومة طائفية فاشلة يائسة غير مهتمة بشعبها بل همها \ان تملأ جيوبها وجيوب أحزابها ومستشاريها بالسحت الحرام وبالتوقيع على وثيقة شرف جديدة، وكأن ما اتفق ووقع عليه سابقاً لم يكن من وثائق الشرف، ومنها الدستور العراقي ذاته. استشهد يوم أول أمس 73 إنساناً عراقياً وأكثر من 180 جريحاً ومعوقاً، كما قتل قبل ذاك وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة عدة آلاف من المواطنات والمواطنين وجرح وعوق ألاف مضاعفة أخرى، وكذلك ما أشرنا إليه في مقال سابق عما يجري لأبناء وبنات البصرة والناصرية والكوت من تهجير قسري وتهديد بالقتل والقتل لأنهم من المؤمنين بالمذهب السني في الإسلام، ومنهم الكثير والكثير جداً من عشيرة آل السعدون وعائلات جنوبية أخرى. فإلى متى يستمر هذا القتل الإجرامي وهذا التهديد بالقتل والتهجير القسري بحق الناس البسطاء، بحق أبناء وبنات الشعب العراقي، إلى متى تفقد العائلات المزيد من البنات والأبناء والمعليلين، إلى متى يصمت هذا الشعب ويرى بأم عينيه سقوط ما يزيد عن ستة ألاف قتيل خلال هذا العام ولحد الآن فقط وأكثر من عشرة ألاف جريح ومعوق. وكم مواطن قتل قبل ذاك بقليل من الشبك والترك في محافظة الموصل. إنها لكارثة حقاً أن يحكم العراق سياسيون من هذا النوع، فهم ليسوا برجال دولة يحترمون أنفسهم وشعبهم وقضية العراق ووحدة شعبه. إنهم سياسيون مخادعون يضحكون على ذقون الناس دون خجل أو رادع أو وازع من ضمير. فهذا الخزاعي يستبدل فكرة المؤتمر الوطني التي طرحها رئيس الجمهورية، الراقد حالياً في المستشفى، لمعالجة مشكلة العراق المركزية المتجلية بانقسام الشعب إلى طوائف متصارعة بفضل الأحزاب الإسلامية السياسية الطائفية وسياساتها المقيتة, إلى مجرد دعوة للتوقيع على وثيقة شرف ليخلق، كما يعبر عنها بالعراق "لا تطير ولا تنكض بالأيد"! وكما عبر عن ذلك هذا الخزاعي، المهتم جداً جداً، هو ورئيس التحالف الوطني (البيت الشيعي) إبراهيم الجعفري، بتكوين طبخة عجينة متماسكة من الموزائيك العراقي، وهما، ومعهم رئيس الوزراء، الذين لعبوا الدور المركزي عبر سياساتهم الطائفية المريرة في تفتيت وحدة الشعب العراقي. أي عجينة هذه التي يريدون تكوينها هذه المجموعة السياسية الطارئة على حياة البلاد والغارقون في عفونة الطائفية، هكذا يستفسر الناس بالعراق!! إنهم يوقعون على وثيقة شرف لتحقيق السلم الاجتماعي، ولكن أين هي السياسة التي تسهم في تحقيق السلم الاجتماعي بالبلاد. لقد نفذ الإرهابيون جرائم بشعة بمفخخاتهم وانتحاريهم. ولكن من هم هؤلاء القتلة؟ لا يعرف الشعب بالضرورة من القاتل، فقد اختلط الحابل بالنابل والمتسربون على أجهزة الدولة والمشاركون في الحكم كثيرون ومن هويات عديدة. ولهذا فمن حق الشعب أن يسأل: هل القتلة هم من قوى تنظيم القاعدة المجرمة فقط، أم لهم من يساعدهم من قوى محلية وخارجية ومن دول أخرى، هل إنهم من قوى أخرى تسعى للانتقام من جماعة الصدر بسبب سياساتها النقدية لسياسة المالكي خلال السنة الأخيرة على نحو خاص؟ يا حكام العراق، يا حزب الدعوة الإسلامية الحاكم والمنفرد بسياساته الطائفية سوف لن يكف القتل والموت العشوائي أو الهادف بالعراق ما دام الحكم طائفياً مقيتاً ويشارك بذلك بكل ما يحصل بالعراق، إذ ما دام الصراع بين أحزاب إسلامية سياسية طائفية، وما دام هاجس الحاكم المستبد بأمره والغارق في نرجسيته هو الأمن وليس غير الأمن وليست لديه أية حلول سياسية للمشكلات القائمة بالبلاد. وإذا كان الحاكم بأمره لا يملك حلولاً ولم يطرح حلولاً حتى بعد التوقيع على "وثيقة الشرف" الهزيلة والمهزلة، فلماذا هذا التوقيع على وثيقة ليست سوى "ورقة إنكعها ونشرب ميها" ليس إلا، كما يقول المثل الشعبي العراقي. لقد تحول العراق إلى مآتم بعد أن كان هناك مأتمان في مدينة الثورة بفعل المجرمين العتاة الذين لا هم لهم سوى مطاردة الكادحين من أبناء وبنات الشعب العراقي وقتلهم بمختلف الصور. ورغم هذا الموت الواسع يتحدث الحكام وبعض سفرائه بالخارج عن سلامة العراق وسيادة الأمن فيه وتقدمه!!! يا حاكم العراق الراهن، يا من في عهده أرتفع عدد القتلى والجرحى والمعوقين العراقيين والعراقيات إلى أعداد مخيفة، سوف لن يغرف لك الشعب ما تمارسه اليوم من سياسات تقود على مثل هذه الصراعات الدموية والعواقب الوخيمة ثم توقع على وثيقة أشبه بالقانون الذي تحكم به بالنهار وترقص عليه ليلاً. لقد بلغ السيل الزبى وطفح الكيل يا رئيس حزب الدعوة الإسلامية والحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة "حفظه الله ورعاه!"، يا حزب الدعو الإسلامية، يا البيت الشيعي ، لا بد لكم، ومن معكم من مستشارين الذين لا هم لهم سوى المال، أن تدركوا بأن المجرمين قتلة الشعب العراقي لن يتوقفوا عن إجرامهم اليومي فهذه المهمة البشعة قد أوكلت لهم، ولكن على الحكومة التي تحترم نفسها وتحترم شعبها أن تعمل بما يضع حداً لنشاط القتلة المجرمين في بلاد الرافدين، وأن تتخلى عن الحكم حين لا تستطيع القيام بذلك. وهي تبرهن بألف دليل ودليل ويومياً بإنها عاجزة عن توفير الأمن والحماية للشعب. إنكم مهمومون بالانتخابات القادمة وتسعون إلى إقامة تحالفات في ذات الدائرة الطائفية والقوى المستعدة على المساومة معكم من طائفة أخرى ليبقى الحكم طائفياً وبعيداً عن الوطن والمواطنة وهموم الشعب، وربما سيستمر استفادتكم من المخدر الذي تجرعه الشعب منذ سنوات، مخدر الطائفية اللعين الذي ما يزال مؤثراً في أوساط الكادحين والفقراء والذين غاب عنهم التنوير الديني والاجتماعي على نحو خاص، ولكنه مرض الطائفية شمل جمهرة من المثقفين الذين أصيبوا بطاعونها وهم يشاركون في بث سمومهم دفاعاً عن القوى الطائفية الحاكمة وعن الحكم الطائفي. ولا يمكن إنكار طائفيتكم سواء حين كنتم في المعارضة أم حين أصبحتم في السلطة، فرئيس الوزراء هو رئيس حزب طائفي بامتياز وعضو البيت الشيعي العراقي الطائفي بامتياز في مقابل رؤساء طائفيين لأحزاب طائفية أخرى من الطرف الثاني، وهكذا تلعبون لعبتكم البائسة في تشديد الصراع الطائفي فعلياً وتوقعون على وثيقة شرف ليست سوى مأساة ومهزلة في آن. وأخيراً، إلى عائلات شهداء مدينة الثورة ببغداد وكل الشهداء الذين سقطوا خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة وك السنين السابقة على أيدي الإرهابيين والطائفيين المقيتين التعازي الحارة والرجاء بالصبر والسلوان وللجرحى والمعوقين الشفاء العاجل وللشهداء الذكر الطيب.