كل هذا يحدث في العراق.. لكن لماذا؟

 

ما عاد الحديث عن التفجيرات مسألة جديدة في أي يوم يحدث وفي أية ساعة وفي أية منطقة من العراق أو بغداد تحديدا,لأنها أصبحت مسالة يومية في حين أن القوات الأمنية أصبحت عاجزة عن كشف هذه الجرائم ومن يقف ورائها ومن يحتضن الإرهابيين ومن يُمولهم,وبغض النظر عن هذا التقصير والثغرات في الأجهزة الأمنية يذهب هؤلاء في بعض الأحيان ضحية للتفجيرات الإجرامية أيضا,ولكن تبديل قائد شرطة هنا أو هناك لا يبدل من خطط المجرمين القتلة أولا ,وثانيا لا يعطي ضمانة للحفاظ على الأمن حتى.لكن لماذا تحدث هذا الخروقات وغيرها من تعقيدات العملية السياسية وباستمرار في العراق؟

1: الجميع يتحدث عن ضعف المنظومة الإستخبارية مما يزيد من الخروقات اليومية ,,آخرها وليس أخيرها الفاجعة في مدينة الثورة والتي ذهب ضحيتها أكثر من 270 بين قتيل وجريح.اليوم يتحدث بعض القادة الأمنيين عن الشروع بحملة لتوعية المواطنين بعدم إقامة مجالس العزاء في الشوارع الذي يُسهّل الإرهابيين في تنفيذ عملياتهم الإجرامية بأكبر عدد ممكن من الأبرياء .نعم هناك تقاليد قديمة عشائرية وريفية تحديدا ,حيث ازدادت في العشرة الأعوام الأخيرة بشكل ملفت للنظر,لكن سلامة المواطنين أهم بكثير من التجمع بالعشرات أو المئات في مكان واحد حيث يكونون هدفا سهلا للمجرمين في تنفيذ عملياتهم التي لا تعرف عرفا ولا تقليدا ولا دينا,وآخرها بثت اعترافات احدهم قد لا يتعدى سنه العشرين عاما بقليل. وهناك مسألة أخرى وهي تجمع المصلين في الشوارع أيضا له خطورته لا تقل عن إقامة مجالس العزاء في الشوارع.بينما يكون المكان أكثر أمانا في الجوامع أو الحسينيات لضمان سلامة الناس الأبرياء.

2: تم التوقيع على وثيقة "شرف" بين ألأطراف المتنازعة على السلطة ووثيقة "السلام الاجتماعي" وكان عليهم أن يسموه السلم السياسي بين الأطراف المتنازعة لان في الواقع ليس هناك خلاف بين الشعب العراقي .الغريب أن من يشترك بالسلطة في وزارات لم يحضر للاجتماع وكل طرف يخطط للغريم بإفشال الاجتماع والذي وُلد ميتا ,حيث حاول من سطّر جمل الوثيقة أن يستثني عدة أطراف من الاجتماع وهم برأي "القادة"ليس لهم "تأثير" في العملية السياسية.وبيت القصيد ليس هنا في حجم هذه الأطراف والتي لم تدعى الى اجتماعهم وإنما بسبب مشاركة هذه الأحزاب في مطالب الشعب ضد رواتب وتقاعد البرلمانيين والوزراء و"رجالات "الخط الأول في الدولة,معتقدين أن عدم دعوتهم الى اجتماعهم والذي تبادلوا فيه التهم قد يغير من التفاف الجماهير حول النزيهين والوطنين والذي شكلوا شوكة في حلق بعض من يدير السلطة,بكل مراتبها"بعد انتخابات مجالس المحافظات في نيسان الماضي.لكن هذا لن يغير من الخارطة السياسية لان انتخابات البرلمان القادمة سوف تأتي بعد بضعة اشهر من الآن.فهل يستطيعون تكميم الأفواه وفتح السجون لهم بعد تهريب مجرمي الإرهاب أو ترحيلهم من أرض العراق ليبقى كل فاسد ومزور "يلعب لوحده بالملعب"؟

وأقولها صراحة أنا شخصيا لم أتوقع أن يُدعى الحزب الشيوعي العراقي و التيار الديمقراطي الى ألاجتماع لانهم لا يريدون من يؤشر على العلّة في العراق ومسببيها.وأسجل فرحتي بعدم دعوة شيوعيي العراق و التيار الديمقراطي للاجتماع لسبب واحد واعتقد إنه وجيه في هذا الوقت وهو حتى لا يُزج أسماء الوطنين المخلصين في وثيقة لا تُقدّم وإنما تُأخر الحلول. وتحسب عليهم.خطاب فيلسوف الاجتماع إبراهيم الجعفري وأمام السفراء الأجانب كان خطابا ديماگوگیا بكل ما تعنيه الكلمة لا بل أكثر حيث أتهم العراقيين جميعا بمسؤوليتهم على التدهور الأمني والإخفاقات في العملية السياسية.وإذا كان العبقري الجديد صاحب الوزارة الفاشلة والقصيرة الجعفري يعرف الداء في العملية السياسية لماذا لم يطرح برنامجا وطنيا بعيدا عن الطائفية التي دمرت البلاد والعباد,وكثر الفساد والفاسدين والسراق وانخفضت الخدمات الى أدنى مستوى وكثرت البطالة,ولماذ يصرون على تقسيم العراق الى مكونات, ولماذا لم يؤشر على البرلمان في إخفاقه بتشريع القوانين النائمة في أدراج مكاتب النواب ورئيسه بسبب هذه المحاصصة الطائفية والقومية القذرة؟لماذا وصلت أخلاق بعض النواب الى مستويات مؤسفة لا نسمع منها إلا في الشوارع في السب والشتم في مؤتمراتهم الصحفية ,كما ظهر في الفيديو أثناء الشجار بين بهاء الاعرجي وعلي الشلاه؟الجعفري نسى شيئا مهما في خطابه وهو تهرب منه ألا وهو إن المحاصصة التي أوصلته الى الوزارة ومجلس النواب جاءت بعملية سياسية مُشوهة وُلدت لتموت بسبب الفساد الذي غطى على عيوبهم جميعا وكل منهم في يديه وثائق تدين الطرف الآخر.


3:وبدأت الحملة الانتخابية وكسب الأصوات فمن افتتاح بئر نفطي في الناصرية وكيل التهم على الآخرين في خطاب طويل لا جديد فيه الى توزيع الأراضي الحكومية والتي أستولى عليها أصحاب الحواسم دون وجهة حق ليس بسبب الفقر والعوز وعدم وجود سقف فوقهم وانما حتى من يملك أكثر من بيت.والملفت للنظر لمن شاهد تلفزيون العراقية والتي نقلت كثير من وقائع توزيع "المكارم"أولا ان الجميع ممن يرتدي الملابس الريفية هم من حصلوا على الأراضي,فأين كان هؤلاء قبل سقوط النظام؟ويلاحظ انتشار أفراد الحماية للمالكي وعن بعدو بعدد كبير جدا لم يفعلها المجرم صدام.لا أعلم يخاف مِن مَن وهو يوزع الأراضي على الفقراء؟أليس الموت من أجل الفقراء هو شهادة؟وسؤال راودني عندما كنت أشاهد منظر التوزيع للأراضي وهو :أين كان المالكي من أصحاب الحواسم خلال الأربعة أعوام الأخيرة إن لم اقل السبعة أعوام من حكمه؟قبل الانتخابا ت البرلمانية الأخيرة قبل حوالي ثلاث سنوات ونصف السنة كان قد قرر المالكي استرجاع الدور الحكومية,لكن المواطنين كانوا سباقين في التصدي له عبر كتابة اللافتات

الى "أبونا أبو أسراء"و أين نذهب مع عوائلنا ورفع الرايات الحسينية؟وبعد أيام تأجل موضوع ترحيل العشرات من أصحاب الحواسم ضمانا للحصول على أصواتهم,وعلى سبيل المثال وليس الحصر العمارات السكنية في نهاية شارع أبي نؤاس والتي كانت في وقت الطاغية تعمل على الطاقة الشمسية والتي دمرت كل معالمها ومعظم من يسكنها ,ان لم أقل كلهم, يملكون أكثر من دار.لكن الصوت الانتخابي مهم,ومع كل إجراءات التخويف في استرجاع الدور الحكومية لكنها لم تشمل قصور الدولة التي استولى عليه ساسة العراق الجديد.واليوم يأتي توزيع الأراضي للفقراء والحكومة سوف تتبرع ببنائها أيضا.نعم لو كان الإنصاف يشمل الجميع بحيث لا يبقى مواطن عراقي بدون دار خاصة حيث ثروات العراق كثيرة وكبيرة لكان الأمر مقبولا,كما فعلها أمير الإمارات الراحل زايد حيث قال كيف يعيش إماراتي بدون دار خاصة به؟ لو كان ساستنا بهذا الحرص على مواطنيهم لكان الأمر يحسب لهم لكن والأمر متعلق بالانتخابات فسوف لا تتعدى الدعاية الانتخابية وبعد انتهائهم منها سوف تُسوّف بشكل ما لتدخل دوائر الفساد والتزوير والرشاوى.

4:في 5 تشرين الأول-أكتوبر- سوف تخرج الشبيبة لترفع مطالبها من جديد حول رواتب تقاعد البرلمانيين والوزراء ألخ..حيث دخل القانون في دهاليز المحاصصة مرة أخرى ومن نادى من النواب صراحة وقسما منهم باستيحاء لم يفعلوا شيئا لإقرار القانون,وسوف يماطلون به لحين يصلون الى إقراره و"بعجالة" حسب ما يشتهون .وتبقى باقي القوانين المهمة منها قانون الانتخابات وقانون الأحزاب بعيدا عن الإقرار.المهم سوف تخرج الشبيبة في الخامس من الشهر القادم ,ويجب أن لا تكتفي مطالبهم على تقاعد البرلمانيين وإنما على كل ما هو معطل وبقصد و بإرادة السلطة التنفيذية والتشريعية.ربما سوف تضطر السلطة التنفيذية في منع التظاهرات مرة أخرى لكن الإصرار على الخروج سوف يضع أصحاب القرار في موقف ضعيف ,مهما فعلت قوات سوات من قبل فهي مدانة مقدما إن أقدمت على ضرب المتظاهرين مرة أخرى وسوف تحاسب قضائيا مهما تبجح البعض بأن التظاهرات مسموح بها حسب الدستور.ويعلم من منعها إن الإرهاب لم يستطع تفجير أية سيارة مفخخة في تظاهرات 31 آب.

5:لو كان القانون مطبقا وبنزاهة وبيد رجال حكماء ويشعرون بانتمائهم الى العراق لما اضطرت الدولة الى عقد اجتماعات للعشائر لإثبات حسن نية للمهجرين في الآونة الأخيرة و بسبب القتل والقتل المضاد والتهجير, ولكان القانون هو السائد وليست قوة الميليشيات والتي من المقرر ان تشكل منها فرقة عسكرية في بغداد لتزيد الطين بلّة وليس لحماية الناس.

كل هذا يحدث في العراق من أجل السلطة وكرسيها المتنقل دوما,لكن من يمسك به الآن تناسى مصير كل من جلس عليه من قبل لكن سلطة الشعب لا ترحم احد.