هل توجد حكومة عراقية بالمعنى الصحيح أم مجموعة ترهلات ادارية غير مؤهلة لتحمل المسؤولية؟ وماذا تحقق للمواطن غير القتل و النهب و الترهيب منذ 10 سنوات؟ و الى متى يستمر الخلل أمام صمت شعبي رهيب؟ وهل نجح الشحن الطائفي في تغيير القناعات ؟ اسئلة لا تحتاج الى عبقرية للاجابة عليها، فواقع التفجيرات و التهجير و الخوف الطارق للأبواب على خلفيات عقائدية و مصالح حزبية ، هي عناوين فشل تزداد دموية في العراق.
تختار الشعوب المتقدمة و شبه النامية قادتها على برامج سياسية واقتصادية قابلة للتطبيق العملي و الدخول في امتحان التنفيذ خلال أشهر، حيث تبدأ سلسلة من الملاحظات و الانتقادات قد تؤدي الى اقالة الحكومة و تجديد الثقة بوجوه جديد، بينما تسير الأمور بالمقلوب في العراق، الوجوه تتنقل بين المناصب و العطاء يراوح مكانه، وكأنه لا يوجد في البلاد غيرها، لذلك يستمر الفشل و تتنوع الأزمات بسبب انعدام الكفاءة و المهنية أيضا، ومع ذلك لا يخجلون من انتقاد فكرة بيادق الأمس.
ولو أجرينا حسبة مختصرة لعدد المسؤولين و ما يخصص لهم من موارد في الموازنة العامة لوجدنا أن ما يقدمونه يساوي ساعات عمل سنوية لاعلاقة لها بما يسمونه الجهود الاستثنائية، اللهم الا اذا اعتبروا حركة المواكب و تعدد خطوط الحمايات جزءا من الانجاز، عندها ستتوقف الألسن عن النطق ، بينما لا يحصد المواطن غير الخوف من القتل المتنقل بين الشوارع و الأحياء، التي يجهل المسؤول مكانها الجغرافي اصلا.
في المقابل يجيد هذا المسؤول الأصغاء للحلول التسويفية، و ينبهر بوجهات النظر الخارجية، لذلك يبدو مستمعا " جيدا" في مباحثاته الخارجية، بحكم عدم الخبرة الوظيفية، أو لأنه مهتم بالعوائد الشخصية و رضا "صاحب النعمة البديل" أكثر مئات المرات من الخوف على سيادة الوطن ، لذلك تتمدد الكويت و ايران جغرافيا و أمنيا و اقتصاديا ،لأن " الجماعة" ينظرون الى اتفاقيات الحدود و تبادل الخبرات بمزاج يقترب من التبعية لا سيادة القرار!!
العراق يعاني مشكلة حكم و ادارة و كفاءات، لذلك يكثر الشطط و تتنوع الخطط البديلة لخطأ متجذر في العقول و الحسابات ، فكل شيء معلق على حائط الفشل الأمني، بينما باقي الدول لا تتحدث في خططها المستقبلية عن تحقيق الأمن و الخدمات فهي من الماضي المفروغ منه، بينما هي القاسم المشترك لكل أزمات العراق، بعد أن تحول الولاء الوطني الى تخويف طائفي و انقهرت ارادة الاصلاح و التغيير الحقيقية، مثلما انهارت اركان الدولة المدنية لصالح ادارة فوضوية، تعتمد ردود الأفعال اسلوبا للعمل الرسمي، لتبقى المجاملات قاسما مشتركا لكل التزكيات الوظيفية و " التغليس" على الملاحقات القضائية بسبب الفساد و العمليات المسلحة خارج سلطة الدولة!!
هل يصح اطلاق تسمية الحكومة العراقية على وزارة منقوصة بسبب الخلافات السياسية و المزاجيات المذهبية و العقائدية؟ ولماذا هذا العدد من المسؤولين التنفيذيين و التشريعيين بلا عمل حقيقي؟ ثم لماذا تنفق المليارات على أشخاص لا تراهم العين المجردة ، يتابعون مسؤولياتهم بالصدفة، تقع الخروقات و يدفن الضحايا دون حلول أو تفسيرات، فبدون تفجيرات و قتل على الهوية يشعر المرء و كأن العراق قد تجاوز المحنة، فيما الصحيح أنه غارق فيها!!
لقد نجح السياسيون العراقيون في مهمة واحدة هي زرع الخوف الطائفي في النفوس عبر خطاب مج طيلة سنوات، دون أن يتنبه له العقلاء مبكرا، فقد اصبح الحديث عن الطائفية مفردة يومية تتداولها الألسن وتصغي اليها العقول ليل نهار، ما وفر أرضية بديلة لبقاء المسؤول في منصبه و التغاضي عن هموم المواطن و أعتبار مسلسل الموت الجماعي حالة طبيعية، لذلك لا يستحي المسؤول من اجترار المواقف و التبريرات و كان ما يجري لا يمس شرف المسؤولية و القسم الرسمي بحماية البلاد والعباد، انها فعلا أم الكوارث في العراق.. مسؤول يتجاهل الفشل و لا يخجل من الظهور على شاشات التلفزة متبجحا بانجازاته و الشعب يساق الى مقصلة ذبح سياسي لا يعرف الحدود!!
يحرص المسؤول العراقي على استكمال متطلبات زياراته الخارجية أكثر من الخوف على الشعب و وحدة البلاد والعباد، لذلك لم يقطع أحدهم زيارة رسمية عندما يقع المحظور ويتهدد الخطر المؤسسة التي " يتكفل" بادارتها، ربما لأنها مجرد وسيلة للارتزاق الاضافي الاعتبار الشخصي في غير محله، حتى لو تطلب ذلك تقبيل الرؤوس و اليدين!!