لابد من صنم
لكي نموت دونه
ونسبق الامم
الشاعر موفق محمد
من مخلفات الحقبة الكتاتورية , التي خربت وحطمت الوطن والشعب , هي ثقافة تعظيم القائد , او ثقافة صنع الطاغية , التي سوقتها الى الواجهة . مجموعة من المداحين والنفعيين والانتهازيين , الذين قادرين على تلوين جلودهم الف مرة في اليوم , من اجل حفنة من المال , او الطمع والجشع في تولي المناصب , في ديباجة مقالات التبجيل والتعظيم للنخب الحاكمة , او للقائد الاوحد , ووصفه بالصفات الالهية , تاركين خلفهم معاناة الشعب من الواقع المرير , هؤلاء دعاة الثقافة المزيفة , او ما يطلق عليهم مثقفي السلطة , او صناع ثقافة الزيف والدجل والكذب , وهم يتطلعون الى حفنة من المال , مثل الكلاب الجائعة والسائبة , وهم يعيشون حالة انفصال كاملة عن الشعب , لايهمهم سوى الركوع الذليل الى نخب السلطة , ان ثقافتهم وتربيتهم وسلوكهم , تعتمد على ثقافة الجشع والطمع , على احزان الشعب والمتاجرة بها , ويرددون في كل مناسبة , في التهريج في سوق النخاسة ( بالروح بالدم نفديك يا صدام ) , وقد وجدت الحقبة الطاغية المنصرمة , هذه الثقافة المزيفة , خير عون ونصير , في اضطهاد الشعب واستبداده وحرمانه من كل الحقوق الانسانية , في انتهك كرامته ومحاربته في معيشته وارغامه على ترديد هذا الشعار في كل مهرجان لتجديد البيعة , في تبجيل القائد الاوحد , الذي دمر الحرث والنسل , وترك جروح عميقة في جسد الوطن . هذا الموروث الخبيث والعفن , يعود الى المشهد السياسي , دون حياء او خجل اوعار , او ذرة من الضمير الحي , ودون التفات الى التركة الثقيلة التي تركتها الحقبة المظلمة , في عودة مثقفي السلطة والببغاوات من يمتهنون صناعة العهر باقبح وارذل اشكاله , في سبيل تضليل البسطاء والاغبياء والجهلة , في ارغامهم على ترديد شعارات العظمة . كأن مصير ومستقبل الوطن مرتبط بالقائد الاوحد ( انا العراق والعراق انا ) وتتحول الصفات البذيئة التي كانت تتصدر الاعلام الدكتاتورية الصاخب ( سيدي العظيم ) تتحول بقدرة القادر في العهد الجديد ( مولاي العظيم ) ومثلما كان نهج الحقبة المنصرمة في تعاملها مع الشعب ( جوع كلبك ليتبعك ) , الآن تعود الى الواقع المزري , الذي يرزخ تحت ثقله الشعب , في اجواء من الاحباط واليأس والقنوط , والخضوع لامر الواقع بمذلة واهانة . ومثلما كانت جوقة الطبالة من الببغاوات يردحون ( بالروح بالدم نفديك يا صدام ) بدلوا جلودهم وصار شعارهم المفضل اليوم ( بالروح بالدم نفديك يا مالكي ) كما ظهر في سيرك المهرجين , في نقابة المعلمين , حين صدحت الاصوات , عندما تسلم السيد المالكي ( درع الوفاء ) , كأن الطاغية يعود الى الحياة من جديد ويلوح بيديه بالفرح العظيم الى الببغاوات التي رددت شعاره المبجل , وكأن صناعة الطاغية , بدأت تحتل مساحات واسعة من اعلام السلطة , وكأن ثقافة صنع الدكتاتور تعود بأسوأ اشكالها . في الوقت العراق يترنح اليوم , وينزف ببرك من الدماء من القتل العشوائي , والمواطن يخرج في الصباح , ولا يتوقع ان يرجع في المساء الى بيته , كأنه تحت رحمة شريعة الغاب , والببغاوات من المنتفعين من مثقفي السلطة , او الذين يتاجرون بالدم العراقي , بحفنة من المال الحرام , يتصدق عليهم سيدهم ووالي نعمتهم يرددون شعارهم المحبوب , وكما يتصورون هؤلاء المنافقين , بان الكوارث التي تعصف في العراق , هي انتصارات عظيمة للقائد العظيم , الذي نفديه بارواحنا ودمنا , من اجل ان يغتال البسمة من وجه العراق.
|