المحنة البشرية!!

 

 

 

 

 

 

ما أن إنتهت الحرب الباردة بسقوط الإتحاد السوفيتي ,  وتوهمت الدنيا بأنها ذات قطب واحد لما يزيد على عقدين , حتى إنطلقت نظريات المتوهمين بأن المعركة القادمة ستكون مع الدين؟! 

 

فنهضت الرؤى والتصورات والآليات والمشاريع والمخططات , وبعد حروب وحروب , وجدت البشرية نفسها في محنة مصيرية قاسية.

 

ذلك إن المنظرين الذين إندفعوا في مخططاتهم وتصوراتهم , حسبوا الدين حزبا أو عقيدة كأي عقيدة قابلة للسقوط. 

 

وقد أصابهم الإتحاد السوفيتي بسقوطه السريع بمقتل , وبإضطرابات فكرية وتقديرية مدمرة.

 

ووفقا لما خبروه من آليات الصراع معه ,  إنطلقوا في مخططات صراعهم الجديد , فانتهت الأمور إلى ما هي عليه الآن , ووجد الساحر سحره قد إنقلب عليه.

 

وفي محنة التورط الديني ,  إنتقلت البشرية إلى مرحلة مصيرية خطيرة , ربما ستعيدها قرونا عديدة إلى الوراء.

 

وبما أنها قد إمتلكت أدوات الفناء الشامل , فأنها قد أصبحت على شفا حفرة المصير المبيد.

 

وفي خضم المؤثرات العقائدية الإنفعالية المؤزرة  بالإعلام الموجه الفعال المتمكن من عقول الناس , فأن قدرات الحكمة والحلم والرشاد , باتت واهنة ضعيفة ومدانة. 

 

لأن معزوفات الرقص على أكتاف الموت , تتعالى أنغامها وتتنوع ألحانها , وترافقها طبول الحرب الصاخبة الإيقاع والضرب الجنوني الفتاك.

 

فإلى أين سيأخذ البشرية جنونها الفظيع , وإنطلاقها الحامي الشديد في دروب الهلاك البديع.

 

البشرية التي أصبحت مدججة بالسلاح والمتفجرات , والمبيدات الفتاكة الخاطفة للأنفاس كلمح البصر , حتى أمست المجتمعات في مآزق الخوف والقلق , والتوجس والشك وفقدان الأمن والأمان والسلام.

 

فما عاد البشر هنيئا بما وصل إليه من أسباب السعادة والرفاهية والتقدم والعمران , لأن الموت صار قائما ومباغتا له أينما حلّ وكان.

 

وحفت المخاطر أرجاء الدنيا ووسائلها ومبتكراتها , ومنجزاتها , وأصبحنا على حافة إنهيار القوانين , واحتراق الدساتير , وإنتصار أمارة السوء التي فينا , وسيادتها على المكان والزمان. 

 

وبهذا ستزأر وحوش الغاب في طرقاتها الظلماء , وسيحل الفظيع والشقاء.

فعندما يتحول البشر إلى قنبلة , فإن الحياة تكون مقبرة!!

 

فهل من صحوة ضمير , ونهضة أخلاق , وعودة قيم , وسيادة عدل , وشعور ببعض المعاني الإنسانية , بدلا من التمادي بالقوة العدوانية؟!!