مبروك للعراقيين بولادة قائد ضرورة جديد

 

ها هو التاريخ يعيد نفسه من جديد لنسمع صراخ المرائين والمنافقين وهم يرددون ذات الشعار الكريه والممجوح (بالروح بالدم نفديك يا ...) فما الذي تغير اذا بعد كل هذا التطبيل والتزمير بولادة عهد جديد وترك مساوئ الماضي خلف الظهور؟ نحن ما زلنا نسمع ذات نباح الأمس وهو يملأ سماء وأرض ودهاليز الوضع في العراق، حتى بات من اللازم والضروري والحتمي أن تتحول هذه الأهزوجة شعار العراق الخالد، والويل لكل من لا يتفق ولا يردد ولا يزعق بأعلى صوته بهذا الترحاب الوطني الحق. والفضاء يزدحم بالهتافات المندوفة بالمشاعر الوطنية الجيّاشة.

متى يتعلم العراقيون أوليات العيش الكريم ومبادئ احترام الذات الانسانية والتي حولها المنافقون الى سلعة رخيصة ورثة، ولا يهم من يعترض ومن يسخر ومن يتقزز من هذه العينات، المهم عندهم أن تكون جيوبهم ممتلئة وليضمنوا الرخاء المندوف بالخسة.

أين يكمن الخلل الحقيقي؟ في الحاكم أم في المحكوم؟

أرى أن حاكما يبحث عن الجاه والسلطة ومغريات الكرسي، يكون مستعدا أن يعطّل كل مجساته، وما يترتب على لغة التعظيم الجوفاء من كلام الرافض لهذه الزلة الخطيرة، الأمر الذي يعتبره فرسان الرياء، حاقدا ومغرضا وعميلا ومواقفه مدفوعة الثمن من الخارج، وسواها من الاتهامات، لأن ما يهم عند الحاكم أنه مرفوع على أكتاف محبيه، ليعيش في هذا الوهم الكاذب، دون أن يكلف نفسه استيعاب التجارب التي سبقته، وأن هؤلاء الغوغاء الذين يظلون ينبحون على بعضهم البعض، هم أول من يسقطه من على أكتافهم، ما أن تسخن رياح التغيير من جديد، ليتركوه مرميا على الأرض ويسارعوا لحمل القائد الضرورة الجديد، لأن هكذا بشر موجدودون في كل وقت وحين وهم تحت الطلب لعرض خدماتهم الرخيصة، يبقى اذن من يتحمل المسؤولية في مثل هذه الحالات الكارثية؟

أن الرعاع هم من يصنع الطغاة وهم متواجدون في كل وقت وحين، لعل المعني بالأمر الذي صنع منه هذا البلاء، وعلى مر التاريخ، سلطة مطلقة، ليجد من يفتديه بالروح والدم، وطبعا في الكلام فقط ، وهو هذر لا ضريبة أو مساءلة عليه، إلا من الضمائر الحية وهم لا يحتكمون عليها، قد يكون رجل بسيط وعادي ولعله لا يرغب في تحويله إلى بالون سلطة، سرعان ما ينفجر عند أول هبة عاصفة بعد أن يصدق أنه مفتدى ومحمي ومحبوب وله من الأنصار ما لا يعد ولا يحصى، لكن عند حلول وقت الجد، يجد نفسه وحيدا فريدا، حينها يلعن اليوم الذي سمع وصدق هتافات النفخ الأجوف، يوم لا عاصم إلا الفعل الوطني الحقيقي، وما تبقى سيذهب لمزبلة التاريخ، الأفعال وصاحبها، وتبدأ العجلة من جديد، اما بالروح والدم ولا من نتائج تعود بالنفع للوطن والمواطن، أو بالبناء الحقيقي بعيدا عن هوس الكرسي والسلطة، وهذه هي حالة نادرة في مجتمع مدجّن وخنوع ولا يعرف كيف يتعامل مع الحدث وبعقلية الجاهل والمرائي وتبديل الجلباب حسبما تتطلب المرحلة.

إن مسؤولا ساميا وعلى رأس هرم السلطة وعلى قدر من التفكير العقلاني، يتحدث أمام الملأ، تكون أفعاله محسوبة بميزان بيض النمل، وعليه حين يسمع مثل هذه المهاترات التي تسئ اليه قبل أن تصل الإساءة لمطلقي الشعارات الرثة نفسها، عليه أن يتدارك الهفوة في الوقت والحين، والصمت يعني القبول بما يسمع والانتشاء باللقب الجديد، عندها تتناسل الأقاويل.

فهنيئا لهكذا مسؤول يفرح أولا ويبكي في نهاية الرحلة.