شعبنا وين والدنيا وين؟!!

 

 

 

 

 

 

كنت في حوار مع أستاذ في العلوم السياسية , يدرّس في جامعة عالمية عريقة  , وكان الحوار حول مستقبل المنطقة والعراق خصوصا.

وبعد أن تشعب الحوار , إستنتج بأن الذي جرى سببه إحتلال العراق للكويت , وهذه التداعيات ناجمة عن ذلك الإحتلال.

فقلت: بالتأكيد أن لذلك تداعيات جسيمة عشناها , لكن لماذا لم نتجاوزها؟

وأضفت: أن ألمانيا قد تجاوزت ما جلبه عليها الحزب الحاكم الذي أدخلها في مأزق الحرب العالمية الثانية.

فحدق بوجهي مندهشا وغاضبا وهو يقول: :كيف تقارن شعبنا بالشعب الألماني , شعبنا وين والدنيا وين,  لا يمكن المقارنة , لا يمكن , هذا إعتداء على الشعب الألماني , أن تقارننا به!!

وراح يكيل التوصيفات السلبية على شعبنا والإيجابية على غيره!

فتعجبت من الأمر!

وقلت: الشعوب الحية تتجاوز محنها وتصنع مستقبلها!

وإذا به يقول: نحن شعوب ميتة , مدفونة في ظلمات الأجداث , لا يمكننا أن نعرف أبسط معاني الحياة , وكل ما نسعى إليه هو الموت!

أنظمتنا تؤسس لتفاعلات وقوانين ومؤسسات الموت!

حتى الديمقراطية حولناها إلى آلية للموت البشع!

قلت: إنه اليأس!

قال: أكثر من ذلك , فاليأس رحمة!

ومضى : إننا لا يمكننا أن نكون في الحياة , أو نتجاوز أي محنة , أو نحل أية مشكل , وإنما نتوحل بهما , ونتلذذ بالوجيع , ونتظلم ونذرف الدموع , ولا هم عندنا إلا التغني بالغاديات.

وشاركنا أحد الأخوة في الحوار , وقال ضاحكا: نفس الطاس ونفس الحمام , تروح ناس وتجي ناس , ومن هالمال حملوا اجمال!

ما كو سياسة , كلمن يضرب ضربته ويمشي!!

تأملت محدثي واحترت في الجواب , ذلك أن آلية السلوك العام محكومة بالجزع والخوف وفقدان الثقة بالآخر , وعدم الإيمان بالقدرة على التغيير والتفاعل المعاصر.

والعقيدة السائدة , أن لا وجود للشعب والوطن!

ونظرت إلى الأستاذ في العلوم السياسية متسائلا عن رأي آخر؟

فقال: الحل الأصلح أن يتم إحتلال البلاد من قبل دولة أجنبية , فلا ينفعنا إلا الإحتلال!!

وأضاف منفعلا: إن الحل في الإحتلال!!

فقال الأخر الذي شاركنا الحوار: الله يسمع من حلكك , خربت , وآخر الدواء الكي!!

ترى هل نحن حقا معوقين وطنيا وسياسيا وإنسانيا , ولا نصلح إلا أن نكون دولا محتلة مباشرة من قبل الآخرين؟!!