اجهزة كشف القشة التي قصمت ظهر العراق

 

منذ فتحنا عيننا على الدنيا، والبعير المسكين، ينقصم ظهره تحت وهن القشة.. قشة لا وزن لها في حسابات الفيزياء، تحطم هيكل جسم مهول، يقهر الصحراء.

"ضعف الطالب والمطلوب".

الصحراء بكل تقلبات نهارها شديد الحرارة، وليلها قارس البرد وعصفها الذاري رملا سافيا، يقهرها الجمل، الذي يتهاوى نتيجة قشة وضعت خطأً بين الحمل على ظهره ووبر الجلد المتقري.. تحزه رويدا رويدا حتى ينقصم.

لكن من ذا الذي يفكر بقشة تخنق بعيرا.. تلتصق بلهاته.. في جوف خطمه الواسع، لا هي داخلة ولا متقيئها، حتى ينشغل بها عن الاكل يعافه،...

ينشغل البعير بالقشة اللاصقة على لهاته لا يأكل ولا يشرب ولا يدخن، فبعض البعران في العراق تدخن سيكارا بمائة وخمسين دولارا، لمدة عشر دقائق، بينما عوائل تتشرد لعجزها عن تأمين قوتها الذي لا يتجاوز مائة وخمسين الف دينار عراقي، في شهر.

ولندع ويسكي وسيكار بعران العراق الجديد، هذا الحق الذي ورثوه، عن اسلافهم قبل 9 نيسان 2003 ولنتحدث بشأن استبدال المثل من "القشة التي قصمت ظهر البعير" الى " القشة التي خنقته".

شوارع بغداد تكتظ بزحام لا موجب له، جراء اصطفاف السيارات امام سيطرة لا تبتعد عن اختها الا بضعة امتار، كي تمر من امام جهاز كشف متفجرات لا يعمل.

بين سيطرة وسيطرة، سيطرة، وكلهن مدججات بجهاز كشف المتفجرات الفاسد؛ دلالة زهد الحكومة بارواح شعبها، فبعض الشعوب بالنسبة لحكوماتها، مجرد درجة في سلم، تدوسها بالاقدام.. صعودا، نحو ارتقاء الدرجة التالية،... 

هذا الجهاز الذي سجنت بريطانيا مدير الشركة المصنعة له، بينما نحن افلتنا المستوردين عمدا الى خارج العراق، مع ان بريطانيا المستفيدة، ونحن المتضررون.

الاخوان فاضل وهيثم الدباس وشريكهما احمد البدران، الذين استوردوا الجهاز، تركوا البلد يختنق بزحامات وينقصم ظهرة بالمفخخات وهربوا من دون ما ملاحقة قانونية.

فتحنا عيننا على البعير وظهره ينقصم، ولسوف نغمضها وظهر البلاد تتمفصل انفصامات متلاحقة.. فساد اداري وارهاب ومحاولات سياسية لتدمير الدستور، بينما الكل مهملا دوره، تاركا الحبل على غارب الخراب.