شكت لنا إحدى معارفنا ، طالبة منا تسطير هذه السطور عن طحين الحصة التموينية الرديئة جدا منذعصور ، لأن لها أكثر من قصة و عطسة ، فسألناها ما به هذا الطحين فهل هو مدوّد أم مغشوش كالعادة ؟! .. و إذا كان الأمر كذلك ، فليس من جديد في هذا الأمر إذ إنه معروف لربات البيت العراقيات ومشهور من دهور .. فأجبت بحسرة و أسى ـــ يا رأيت ! ..لو كان الأمر هكذا .. و أضافت : لو كان هذا الدقيق مدودا لهان الأمر!.. إذ كنا قد غربلناه و نظفناه من الديدان الدقيقة ــ مثلما نفعل دائما و كالعادة ــ و من ثم خبزناه و أكلناه رغيفا طيبا و لذيذا جدا !!.. ولكنه أسوأ من ذلك بكثير ! .. فهو بكل بساطة غير قابل للتخبيز ، لأنه بعد التخمير ووقت التخبيز يسيل من بين أصابعنا مثل مادة مائعة و سائلة ، متساقطا على الأرض على شكل نثرات وبقع متفرقة ، لكونها لا تستقر على جدران التنور بسبب سيولتها و تفككها السريع .. مع إن تغليفه أنيق و في كيس جميل و شكله لطيف يوحي بالجودة و النوعية الراقية وهي صادرة عن مطحنة مقداد الحكومية !!!.. فما بدا مما حدا إذن ؟!.. تساءلت مبدية استغرابها من هذا الأمر العجيب .. فما كنا نحتاج إلى وقت طويل و تفكير عميق لنعرف السبب أو السر الكامن وراء هذا الطحين غير القابل للتخبيز حتى نخمن ونفطن بأنه : ربما ثمة شخص أو أشخاص أرادوا كسب كم مليونا من المال السحت الحرام فبدلوا تبدلا أي بدلوا الطحين الجيد بالطحين الرديء ليحشوا ــ من فروقات الأسعار ــ جيبوهم ببضعة ملايين إضافية و أكثر !!.. فهل المسئولون الكبار و البرلمانيون العظام يأكلون خبزا من هذا الطحين الفاسد ؟!.. تساءلت السيدة مستاءة و ساخطة مرة أخرى لتضيف : كيف يمكن لدولة لها هذه الميزانية الضخمة تطعم مواطنيها خبزا لا تأكله حتى البهائم ؟!.. علما بأنه و منذ الشهر الثالث اختفى العديد من مفردات الحصة التموينية .. وختمت قائلة : ــ من طاح حظ هيجي دولة و هيجي حكومة .. حيث أغلب المسئولين فيها لا يفكرون بغير الغش و الاحتيال بهدف الإثراء السريع على حساب صحة المواطن المسكين و حظه الكسيف !..
|