يكتب السيد محمد عبد الجبار الشبوط، وهو رئيس تحرير جريدة "الصباح"، عموداً يمكنني اعتباره يمثل وجهة نظر الحكومة. لماذا؟
ليس من قبيل الصدفة، اليوم، أن تكون رئيساً لتحرير جريدة "الصباح"، فهذا معناه، وبشكل واضح وصريح، أنك قريب جداً من أفكار السيد رئيس الوزراء. السيد المالكي يسيطر سيطرة مباشرة على أغلب مفاصل الدولة العراقية، من مال وتجارة وخارجية وأمن وجيش، فهل يمكن أن يشذّ الإعلام الحكومي عن هذه السيطرة؟
عموده الذي أتحدث عنه حمل عنوان: "المكون الشيعي"، وهو يقدم رؤية واضحة للعراق الجديد، الذي أسهم الشبوط، والمالكي، طبعاً، في صياغته. وفي المجمل، يريد عمود الشبوط الحديث عن أربعة محاور، هي:
1. البراءة من أصطلاح "المكون"، ذلك الذي شاع على ألسنة السياسيين بعد أن تلقفوه، على ما يزعمون، من السيد بول بريمر. فصرنا نتحدث عن مكونات عراقية وليس عن مواطنين، أو شعب عراقي. السيد الشبوط ينتقد قصة المكونات بوصفها ضد الدولة الديمقراطية. نحن معك، ولكن، ما الذي فعلتموه لصدّ هذه الفكرة التفتيتية غير تكريسها؟
2. وفي المحور الثاني يقول الكاتب أن "المكون الكردي يعيش في حالة تنمية مستمرة للمناطق التي يعيش فيها (...)، المكون الكردي منسجم مع نفسه ومع شعاراته. لم يتظاهر أبناء المكون الكردي ضد رواتب النواب التقاعدية". ولكنه تظاهر من أجل الحرية، وضد التوريث، وضد الفساد.. بمعنى، فانت تنظر للشعب الكردي نظرة قاصرة، هي ذات النظرة التي يقدمها عراقي من أبناء الجنوب، حرم بسبب دولتنا الغنية، من كل شيء، فرأى في كردستان جنة الله على الأرض.
3. وفي المحور الثالث يقول أن "المكون السني يشكو الإهمال والتهميش (...)، إلا أنه يتمتع بدرجة لا بأس بها من الأمن، في الاقل على صعيد غياب المفخخات والعبوات الناسفة. لا توجد مشكلة بين النخبة السياسية السنية, وبين الجمهور السني الممتد في نحو 6 محافظات (...)، لم يتظاهر ابناء المكون السني ضد رواتب النواب التقاعدية". أربعة سطور مليئة بالمتناقضات عن "المكون السني"، وأكثرها مثاراً للسخرية قصة التظاهر ضد رواتب النواب. الا تتدرك يا سيدي أن أبناء هذه المناطق يتظاهرون منذ شهور ولم تقدموا لهم غير الشتيمة فانقلبت بعض تظاهراتهم إلى منصات للتحريض والوعيد.. أنتم سعداء، طبعاً، بهذه النتائج!
4. أما محوره الرابع فعن "المكون الشيعي (...)، لم تحرز مناطق هذا المكون تقدما عمرانيا ولا تقدما سكانيا (...)، تعاني هذه المناطق كثرة العمليات الارهابية. يمكن القول إن عدد الضحايا الشيعة يفوقون عدد نظرائهم من المكونات الاخرى. يعاني المكون الشيعي خلافات بين كياناته السياسية الكثر، ولم تتوصل نخبته السياسية الى شبه اجماع سياسي بشأن الدولة العراقية. يمارس الكثير من ناشطي هذا المكون سياسة التسقيط بحق اخوانهم، مما لا يمارسونه مع غيرهم، ومما لا نجد مثله في المكونات الاخرى. يوجد في هذا المكون من لا يثق بالنخبة السياسية الشيعية. التظاهرات التي طالبت بالغاء رواتب النواب التقاعدية كانت شيعية في الاغلب". مرة أخرى: التظاهرات التي طالبت بالغاء الرواتب. مع أن قصة العمود كانت عن "المكون الشيعي"، ومحاولة تقديم رؤية تشريحية لواقع المكونات العراقية.
وفي ختام كلمته يصل الكاتب للقول، بثقة ويقينية: "بمعنى من المعاني، يبدو أن جوهر مشاكل الدولة العراقية بهوية شيعية!!". ملاحظة: علامتا التعجب ليستا من عندياتي، بل من قبل الكاتب، وكان يمكنه الاكتفاء بواحدة، ولكن، ربما أراد تأكيد ما هو متأكد منه، بحال الاستغراق بالاستغراب، والله أعلم!
|