بلا شك : إن كل عراقي شريف يشعر بانزعاج و غضب و أسى ، بسبب و من جراء التفجيرات الإجرامية التي ضربت أربيل ، لكون هذه المدينة تسعى ـــ منهمكة و مثابرة و مجدة ــ نقول تسعى إلى عمليات البناء و التعمير ، و السير الحثيث في ركاب المدن العصرية عبر الاستثمار المحلي و الأجنبي لتقدم ـــ قدر الإمكان ـــ أفضل الخدمات لمواطنيها و لكل المقيمين فيها من عراقيين باحثين عن ملاذ آمن و غيرهم من مستثمرين أجانب ، و هي نفس أربيل التي يستطيع المرء أن يعيش فيها بهدوء و أمان ، و حيث يستطيع المرء أن يمارس طقوسه و مناخاته بحرية كاملة ــ سواء كان إسلاميا معتدلا أو علمانيا لبراليا ــــ ، لو التزم ببعض الأمور و الاعتبارات و عدم المساس ببعض طابوات سياسية معينة .. ربما لهذا السبب اُستهدفت أربيل من قبل الإرهاب التكفيري الإجرامي ، لكونها تتمتع بهذه الميزات و الأفضليات البارزة خدميا وعمرانيا ، على غيرها من مدن العراق الأخرى خارج نطاق الإقليم و الغارقة في البؤس و الرثاثة ، ، و لأن سكانها يعيشون حياتهم بأمان و وئام و تحت ظروف إنسانية و حضارية أفضل من غيرها ، بالمقارنة مع سكان المدن العراقية الأخرى الأنفة الذكر .. غير إن هذا الاستهداف لا يقتصر على هذا الأمر و السبب فقط ، إنما هو رسالة و تبليغ و تحد في آن واحد مفاده : إن العراقي مستهدف بالقتل و المجازر ، و سيبقى هكذا مستهدفا من قبل الإرهاب التكفيري ــ السلفي ، أينما وُجد و صار و أقام ، طالما أنه عراقي و بغض النظر عن انتمائه الديني و الطائفي أو القومي : بدليل أن " الشيعة " العراقيين يُقتلون يوميا و بأعداد كبيرة على يد الإرهاب التكفيري ــ البعثي ، و كذلك " السنة " المعتدلين أيضا ، و بأعداد أخرى ، تارة على أيدي الإرهاب التكفيري حينا و على أيدي الإرهاب الميليشاوي حينا أخر .. وها هم الكورد العراقيون يُقتلون أيضا على يد الإرهاب التكفيري ، مع إنه من المفترض ليس لهم لا ناقة ولا جمل في الصراع الطائفي المحتدم حاليا في العراق ، لكونهم ليسوا منحازين في هذا الصراع لا لهذا الطرف و لا لذاك .. أم بسبب الحرب الأهلية في سوريا و أنعكاساتها و خلفيتها ذات الصراع الطائفي و القومي ؟!.. إذن فحتى موقف الحياد لم يعد يكفي لئن يكون سببا مرجوا لتجنب الأعمال الإرهابية في مدينة ما من المدن العراقية ، وهو الأمر الذي يتطلب ــ و بالضرورة ـــ تعاونا و تنسيقا أمنيين و جديين ، وعلى نطاق واسع بين جهازي الأمن و المخابرات في كل من بغداد و أربيل ، بغية تضييق الخناق على الإرهابيين أو ــ على الأقل ـــ الحد من أعمالهم الإرهابية الواسعة و المتواصلة بكثرة مخيفة و كارثية رهيبة .. مع يقيننا الراسخ : بأنه هناك العديد من القوى السياسية ذات الصبغة الطائفية ، تعوّل على هذا الإرهاب ولا ترغب بزواله القريب ، ولا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات في العام المقبل ، لتكتسب قواعد شعبية واسعة على أساس التصويت الطائفي ..
|