الله ما احلاك يا كوردستان

 

 

 

 

 

 

ونجحنا كما قلتها قبل سنين يا كوردستان، ليس اليوم سيدتي الأرقى، بل حينما اختار شعبك في أولى ساعات تحرره من كابوس الاحتلال، اختار الديمقراطية طريقا لممارسة حياته السياسية والاجتماعية، وكان تحديا كبيرا أنتج أول برلمان ينتخب بشكل حقيقي من الأهالي عام 1992م، ليكون واجهة الإحداث بل جبهة الصراع الحاد ضد التجربة برمتها، فناصبته العداء كل دول الجوار دونما استثناء، حتى منعوا عنه في أبشع حصار شهدته الشعوب، حفنة من دقيق أو كيلو من خضار، بل إنهم أنفقوا مليارات الدولارات لإشعال الفتنة في داخل الإقليم بين المتنافسين ونجحوا إلى حد ما فكانت تلك الحرب التي نالت من البلاد والعباد الكثير الكثير.

لكنها كوردستان الحكمة والعقل والتاريخ الممتد عمقا والشعب المكتوي بنار الاحتلال، لعق جراحه واتكأ على الحكمة والعودة إلى البداية التي قرر فيها اختيار طريق التداول السلمي للسلطة، فعادت الحياة ثانية لمؤسسات الأهالي وممثليهم وكانت الانتخابات الثانية في 2005م لتضيف جدارا آخرا في بناء المستقبل الذي بدأ يزهر اليوم، حيث تحولت كوردستاننا إلى خلية نحل في كل مضامير الحياة وأصر الشعب الذي حرموه من ابسط مقومات الحياة أن يعوض كل سنوات القهر والظلم والحرمان ويخرج إلى العالم خلال عدة سنوات بصورة أذهلت الأعداء وأثارت إعجاب الأصدقاء فكانت كوردستان التي تعيش في ظلام دامس لؤلؤة من ضياء ونور، فعل فيها الرجال والنساء من أبنائها وبناتها ما عجزت عن فعله حكومات العراق منذ تأسيسه في مطلع عشرينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا.

وتكللت نجاحات الأعمار والتنمية في أرقى صورها حينما ذهبت أفواج هذا الشعب شيبا وشبابا نساءً ورجالا إلى صناديق الاقتراع بنسبة تجاوزت نسب الناخبين في اعرق دول الديمقراطية، حيث بلغت ما يقرب من 75% من السكان الذين تشملهم الانتخابات والتي أشاد بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوربي، إضافة إلى المشاركة الكبيرة للنساء والشبيبة بصورة أعطت الرأي العام حقيقة نتائج التمنية البشرية والوعي الاجتماعي والسياسي المتحضر لدى القطاعات الواسعة من أبناء الوطن، بما يجعلنا نفخر به جميعا ونعمل من أجل تطويره أكثر وأكثر.

إن كوردستان اليوم مشروع حضاري ومدني كبير يثبت فيه الإنسان مقدرته على تجاوز الماضي بكل مآسيه وكوارثه والانتقال إلى عالم مشرق زاهر بإصرار الشبيبة على إكمال مشوار الإباء والأمهات في تأسيس وطنهم بعيدا عن العنف والصراعات الدموية بانتهاجهم ثقافة قبول الآخر والإذعان إلى نتائج ما يقرره الشعب في صناديق الاقتراع كما حصل في الانتخابات الأخيرة التي أظهرت حقيقة نهج البارزاني الخالد في فكره وعطائه وامتداده أفقيا وعموديا بعمق كبير في أوساط الأهالي التي انتخبته بأغلبية أكدت توهج هذا النهج وتجدده دوما بما يليق بتضحيات ونضالات الكوردستانيون عبر التاريخ.