هذه المرة جئنا بالمرتبة السادسة لكن في"صيت الغنى" لا الفقر وليس في المرتبة ما قبل الاخيرة حيث لاصومال ولا سودان ولا موريتانيا. فطبقا لقائمة شركة "ويلت اكس" للاثرياء في منطقة الشرق الاوسط فان 176 مواطنا عراقيا يبلغ دخلهم نحو 15 مليار دولار لعام 2013. ترتيبنا السادس في معدلات الثراء لا يعفينا من اعادة التذكير بان منظمة الشفافية الدولية كانت قد وضعتنا في المرتبة 169 في معدلات الفساد من بين 176 دولة. لا يبدو الامر غريبا حين نكون سادس اغنياء الشرق الاوسط لكن حين لا تتقدم علينا سوى الصومال طبقا لمعدلات الشفافية الدولية والفشل والفساد فان فشلنا مركب. الصومال منسجمة مع نفسها ومع واقعها , فهي لاتنتج سوى الموز . لكن ان يتاخر بلدا ثريا مثل العراق هو الثاني في احتياطي النفط في العالم ليحتل المراتب الدنيا طبقا للتوصيفات الدولية حتى بافتراض حجم المبالغة فيها فانه امر يثير الالم والحسرة والمرارة في ان معا.
نكرر قد لا يبدو الامر مستغربا ان يملك 176 عراقيا نحو 15 مليار دولار لكن مكمن الاستغراب هو ان معدل خط الفقر لايزال مرتفعا (بين 18 و 26%) في حين تشير التقديرات الى ان ميزانية عام 2014 ستبلغ 150 مليار دولار. المشكلة لاتكمن في خط الفقر وحده, بل هناك الزيادات المطردة في اعداد الارامل والايتام والبطالة التي تنافس خط الفقر من حيث النسب المئوية مما يجعل من الصعوبة بمكان ايجاد حلول لمثل هذه المصائب "الكشرة".
ان مكمن المفارقة الاكثر لفتا للنظر انه في الوقت الذي يتطابق فيه وصف الاغنياء واعدادهم في العراق ممن دخلوا تصنيف شركة "ويلت اكس" مع ما تتمتع به البلاد من غنى وثراء فان ما هو غير منطقي هو عدم تطابق ذلك مع واقع الحال وهو ما يعني ان هذا الثراء الفاحش هو الاخر مستوى متقدما من مستويات الفساد لان لا صلة له بالبناء والتنمية في البلاد. فهؤلاء الاثرياء هم ليسوا على غرار بيل غيتس الاميركي الذي ينفق من ثروته الطائلة على المشاريع الخيرية في الولايات المتحدة الاميركية والعالم ما يجعلك تتمنى ان "يكثر الله من امثاله" . وليسوا على غرار رفيق الحريري اللبناني رحمه الله. بل هم اثرياء على غرار انفسهم الأمارة بالسوء ما عدا من جمع ثورتهم منهم بالحلال!! فاثرياؤنا الجدد حفظهم الله ورعاهم ليسوا صناعيين او زراعيين اوعقاريين حتى نصنفهم ضمن البورجوازية الوطنية التي بنت دولا بل ان غالبيتهم العظمى هم من مصاصي دماء ابناء جلدتهم من الفقراء والمساكين وابناء السبيل الذين يفترشون الطرقات يبيعون "الحامض حلو" ويمسحون زجاج السيارات لكي يحصلوا على قوت يومهم الذي اقل ما ينطبق عليه هو انه .. قوت لاتموت.