الشسمه

 

 

 

(الشسمه) هو بطل رواية فرانكشتاين في بغداد لكاتبها الزميل احمد سعداوي، وهي تسمية يعرفها المواطن العراقي أكثر من غيره.
هنا في هذا المقال لا أريد تحليل الرواية أو نقدها أو الإطراء عليها، فهذه ليست مهمتي ولا حتى من اختصاصي، بقدر ما كنت مستمتعا ومتألما في الوقت نفسه وأنا اقرأ تفاصيلها. ولم أحدد مشاعري بالضبط تجاه بطلها (الشسمه) فهو عبارة عن أجزاء من أجساد متناثرة نتيجة التفجيرات والاعتداءات الإرهابية.. تم تجميعها بطريقة ربما تثير الاشمئزاز (يد من هنا وساق من هناك.. عين من انفجار في محلة الصدرية وأنف من انفجار في الباب الشرقي) المهم انه تمت خياطة وترقيع هذه الأجزاء من طرف شخص مهووس ومنسي لتحل فيه الروح وينهض ليقتص من أعدائه واحدا تلو الآخر، فكل جزء منه له قاتل ولابد له من الثأر منه، وكلما انتقم من أحد قاتليه سقط جزء من جسده للضحية.
ربما تكون من أجساد ضحايا وربما خالطتها أجزاء من أجساد مجرمين؛ بيد أنني أحببت في داخلي أن تكون جميع أجزاء جسده من الضحايا الأبرياء لكي يأخذ ثأرهم وتبقى صورته ناصعة في داخلي فهي تحاكي الجزء المظلوم القابع داخل كل ذات عراقية.
بالطبع لم تتولد لدي مشاعر وروح الانتقام، بقدر ما تولدت روح تطبيق العدالة. ولا يهم سواء كانت عدالة السماء أو القانون أو حتى الشارع ما دامت تنصف الضحية وتوقع العقاب بالجلاد.
في العراق يسقط كل يوم الكثير من الضحايا وليسوا بالضرورة أن يكون كلهم أمواتا.. المعاق ميت على نحو مؤجل.. اليتيم ميت كذلك لأنه سيتحول إلى أداة خراب إذا لم يجد من يهتم به.. المغبون وظيفيا أيضا ميت مضاف إلى الأجساد المتناثرة هنا وهناك جراء عمليات التفخيخ اليومية.
في العراق أيضا؛ الجلاد ليس فردا واحدا، فهم كثر بدءا من الإرهابي الذي يصرخ (الله اكبر) حين يفجر نفسه.. إلى رجال دين يحرضون بخطبهم على سفك دماء أكثر كل جمعة، مع ملاحظة أن يصرخوا أيضا بعبارة التكبير، وانتهاء بساسة البلد الذين يفخخوننا كل يوم بكلماتهم وتصريحاتهم النارية التي تشعل الشارع العراقي وتتلاعب ببعض التابعين السذج.
الجلادون كثر ويبدو أن لا طاقة لنا للثأر منهم وتطبيق أي نوع من العدالات الثلاث (السماء – القانون – الشارع) إلا بوجود شخص يتمتع بقابلية وقدرات الشسمه الذي يقتص من جلاديه ويختفي بسرعة.
الشسمه رجل خارق لا يؤثر فيه الرصاص ولا الخنق ولا أي طريقة أخرى وله هدف واحد هو قتل المجرم.. قتل الجلاد.. الجلاد فقط ومن ثم يغادر هذه الحياة البائسة، فهو لا يرغب بالبقاء في هذه الدوامة المزيفة التي نسميها الحياة.
نحتاج إلى الشسمه لكي ينصفنا من المتاجرين بدمائنا كل يوم.. يقتص منهم بكل طريقة، وأخشى أن أقول بكل بشاعة، فالمهم أن يقتص من القتلة بعمائمهم.. ببدلاتهم الأنيقة وربطات عنقهم، بل وبملابس بعضهم الرثة في بعض أحياء بغداد ممن اخذوا عهدا مع أنفسهم لإبادتنا جميعا.
الشسمه شخصية وهمية لكن لنا أمنيات واهمة أيضا هي أن يكون الشسمه الآن يحلق فوق رؤوس القاتلين ليذيقهم بعض ما يذيقوننا كل يوم.