مَنْ يصنع المستبد ؟

 

 

 

 

 

 

الحاكم المستبد يصنعه المتملقون المتخلفون والمغفلون, من لا يجيدون الاّ المدح والمسح على الأكتاف, يسلقون الناس بألسنتهم, يذمون أفعال غيرهم ويلقون اللوم على المجتمع, وهو لا يتردد من تحريك حاشية لتعليمهم ولا يعترض على أصوات الهتافات التي لا تليق لمن إختير بصندوق الأقتراع ويزال به, يرفع يده بإستعلاء وكبرياء وحركات يحيّي بها المصفقين الهاتفين بالروح بالدم. الصداميون موجودون في كل زمان ومكان, نياشين على صدورهم ونواياهم على ألسنتهم تخرج من طيات حديثهم دون ارادتهم, يؤسوسون للأستبداد من وضعْ الصور في السيطرات على مداخل المدن, والمؤوسسات الحكومية في غرف المسؤولين الكبار الى ان تفرض على الصغار, ويفكرون في طبع الصور على العملة تخليداً لبطولات وصولات قائدهم المغوار, وتسميات لا يتردد حاشيتهم من إطلاقها من مختار العصر ورجل المرحلة الى قائد الضرورة, وأخر يفكر بالإستنساخ البشري بعد أن وصل العام منذ قرون الى إستنساخ (النعجة دولي) وعجزنا عن نسخ حضارتنا على السجاد العراقي وبطانيات فتاح باشا بعد أن إندثرت جميع انواع صناعاتنا, ومن يقول ان التفجيرات اليومية المهم لا تهزُّ شعره, ومن ثم يفكرون كيف تطبع الصور على دفاتر الأطفال والمقولات في مقدمات الكتب الى ان تدرس وتشرح ويتفلسف الأميّون, وتكتب رسائل الماجستير والدكتوراه في فكره وعبقريته الضروريه وقوته الخارقة, وأن المواطن لا يحتاج الأمن والخدمات ومستعد للعيش في العراء إذا ما سلم رأسه ويرفل بالعز والنصر المؤزر.
نفسهم من كان يهتف للدكتاتور بأقنعةجديدة, ونفسهم من طأطأ الرأس وأطاع النازية لتقتل 60 مليون شخص بأسم الديموقراطية, لا تزال عقولهم تعتقد ببطل التحرير القومي الباحث عن قطعة ارض, يحرر ارض العرب المغتصبة وشعبه مغصوب وجائع, يوزع المساعدات للسودان والصومال والوزراء والسفراء المتقاعدين والمطرودين المنبوذين من شعوبهم وحكوماتهم, ولا يجدون الاّ في العراق وليمة يغطي بها حكامه عيوبهم وفشلهم في قيادة شعبهم وتوفير مستلزمات العيش والرفاهية, نفسهم من لم يصدق بصندوق الاقتراع ويصيبهم الإرباك ويعودوا للعبودية, يضعون صور قائدهم في بيوتهم ويتطلعون عليه كل دقيقة بوضع صوره في ساعاتهم, لا يتمنون ان يخرج عليهم في خطاب الأربعاء الإسبوعي, وليت العجلة تعود للوراء وقناة واحدة حتى يفرض على الشعب وتقطع لأجله البرامج ويلقي خطابته وحكمه في الأستراحة ما بين شوطي ايّ مبارة, ويعلن عنه في فواصل الإعلانات والمسلسلات المدبلجة. إنتبه المتملقون بعد سقوط صمنهم وفضحتم تسجيلات الفيديو وما كان يميزهم عن الباقين سوى إناء موز وتفاح في وقت يعتبر المواطن ذلك أثمن هدية يقدمها لأطفاله, ويلتقط الصور معها واليوم امتلأت العيون منها, ولا تأكل عند من كان حلمه ونقطة التمييز بينه وبين القابضين على الحكم المتسلقين, وعرفوا انهم من صنع المستبد بنزواتهم الشخصية وتسابقهم على شراء أغلى الاجهزة الألكترونية التي ستصبح بعد حين في متناول الفقراء, لأن العالم كل يوم يقفز مئات القفزات وهم يشّتَرّون بأفكارهم البالية, أول من يتنصل عن المسؤولية والمستبد الذي صنعته أيديهم, لأنهم يبحثون عن جمع أكبر عدد ممكن من حقوق الفقراء لحسابهم.