مفرقعات الرئيس!

 

رصاصات أخيرة ومتحشرجة كأنما تخرج من فوهة بندقية صدئة، هو حال خطابات السيد المالكي التي كثُرت في الآونة الأخيرة، في ظاهرة أشبه ما تكون بالنهاية الباهتة لإحدى حفلات إطلاق الرصاص في الهواء.

السيد المالكي يملك القدرة الكافية من الفنون الخطابية، ما تجعله مؤهلاً لإنهاء خطابه دونما أخطاء إملائية، الأمر الذي عادة ما يكون مدعاة لفخر مريديه الذين يغضّ أكثرهم النظر عن مهازل المعنى في تلك الخطابات، مقابل انتصارهم للجمل الرنانة والمفرقعة، التي تدهش دائما من يقع سمعه على إيقاع الكلمة دون فهم المعنى المراد منها، وهذا هو بالطبع حال الموالاة دائما. والحال هنا يشبه كثيرا حال السيد الجعفري في فترة احتضار ولايته، فما زال الرجل يفرقع ويفرقع مكتسبا ثقته من وصف البعض له بالمتكلّم، حتى أنهى المشهد على نحو تراجيدي أوضح مدى نهم الإسلام السياسي بكرسي الحكم!.

يطلق رئيس الوزراء مفرقعاته البلاغية الأخيرة وعينه على الولاية الثالثة، في هذا الوقت بالذات، وتبرز (سين التسويف) في خطاباته على نحو يبعث القشعريرة في الأسنان على كثرة تكرارها بين الحين والآخر. بينما نحن نستمع لنلتمس له العذر ونبرر فشله لنعزوه بالتالي إلى كثرة أعدائه وخصومه الذين يكبلون يديه ويمنعونه من البناء والإعمار وفرض الأمن! وهو الاعتقاد السائد لدى من تتوافر لديهم النزعة الانتمائية والعقائدية التي ينميها ويصعد من نبرتها مشائخ المنابر هذه الأيام. والحقيقة أن المالكي ليس مستضعفاً بالقدر الذي يظن هؤلاء أن عليهم القيام بالواجب الشرعي تجاهه من خلال نصرته والوقوف إلى جانبه، فالرجل يتمسك بالكرسي جيداً، خصوصا في هذه الآونة، وينشب أظافره وأسنانه في لحم السلطة على النحو الذي نراه ونسمعه في خطاباته الأخيرة، التي ما زالت لغتها تفرز قيح النوايا، أو نوايا التفرد في مكان آخر. 

ربما على السيد المالكي ألا يستمع إلى غول التملك ونهمته السلطوية، ويكتب ورقة اعتراف يعرب فيها عن أسفه الشديد لفشله الذريع في قيادة البلد وإخراجه من وحل العنف والفساد المستشري كالداء الخبيث، بدلاً من بث المزيد من خطاباته العشوائية، التي لا تغني ولا تسمن من جوع الناس إلى الأمان والرفاهية، وأيضا ربما عليه ألا يفكر بصولات جديدة يظن أنها ستجعل منه مرشحاً قوياً وشخصية مميزة يرى فيها الناس خلاصهم، خصوصا بعد أن استأثر بأكثر المواقع أهمية، تلك التي تحتاج إلى خبرات غيره، ثم عاد ليعلن تظلمه من الآخرين، بدعوى أن اليد لا تصفق وحدها!.