غاب قانون العقاب في أمانة بغداد، الحجج كثيرة، أهمها غياب الامن واستعانة المواطن المخالِف بالعشيرة اذا تطلب الامر ضد الموظف الذي يغرمه. في السابق كانت اللجان تخرج وتغرم المتجاوز على أملاك الدولة او من يبني أي إضافة لبيته دون علم البلدية، او من يفترش الرصيف ليعرض بضاعته غير عابه بالضرر الذي قد يسببه جلوسه هذا، بل ان في مبنى الأمانة سجنا للمخالفين، اليوم لا احد يخاف من البلدية، بينما بلدية اقرب دولة الينا، اقصد عمان مخيفة اكثر من الشرطة نفسها. اقترحت قبل أيام على بعض الأصدقاء في الأمانة إعادة قانون الغرامات بحق المتجاوزين، لان مدينة بغداد أصبحت مدينة قذرة، وتشبه طاولة انقلبت راسا على عقب، قالوا لا احد يدفع، قلت لان القانون السابق كان قانونا قسريا يجعل المواطن في حالة عناد ويتهرب من دفع مبلغ الغرامة، يجب ان نغير سياسة الغرامة، علينا ان (نحشم) المواطن. تذكرون هذا المثل، حشّم العربي واخذ عبايته، علينا ان نحشّم المواطن على ان يدفع الغرامة وان لا يعود الى مخالفته من جديد، فقد اقترحت ان يقوم موظف الأمانة بقطع وصل غرامة وقدره الف دينار فقط (اقل من دولار) ويسلمه الى المواطن المخالف، من يرمي عقب سيكارة على الأرض، وصولا الى من يبني غرفة ضيوف على رصيف الشارع الذي يسكنه، ويقول له: اذهب غدا وسدد الغرامة في البلدية كما يفعل الناس المتحضرين، ويتركه ويذهب، قد تضحكون كما ضحك الأصدقاء في الأمانة، انا اعرف ماذا اقول، اعرف جيدا ان المواطن (العراقي) لا يستجيب ويذهب الى البلدية لدفع الغرامة، وربما سيضحك مع نفسه على هذا الاجراء، اعرف هذا جيدا، لكنه سيذهب الى اصحابه وزوجته وأولاده وهو يضحك بسخرية ويقول حدث معي اليوم اني رميت عقب سيكارة في الشارع فجاء المراقب البلدي وقطع لي هذا الوصل وطلب مني البطران ان ادفعه باجر بالبلدية، سيضحك ويضحك من يسمعه، نعم، سيضحكون، ولكن القصة ستنتشر مع الأيام في المجتمع العراقي، ستصبح نكتة جميلة يضحكون عليها وترسم الكاريكاتيرات حولها وتصبح تعليقات الفيس بك والتويتر مكثفة حول هذا الموضوع، ولكن، ومع الأيام أيضا، ستتجذر في الذاكرة الجمعية لسكان مدينة بغداد وباقي مدن العراق ثقافة من نوع جديد، ثقافة تقول للمواطن، اذا رميت عقب سيكارة فعليك ان تدفع للبلدية مبلغ الف دينار لا غير، لانك انسان وعليك ان تساهم في نظافة مدينتك التي تعيش فيها كأي انسان متحضر، وانت حر تدفع او لا تدفع لكني اظنك ستذهب، هذا، ومع اعلان تلفزيوني صغير يبين ان ذهاب المواطن (طوعا) الى البلدية لدفع الغرامة التي قدرها الف دينار فقط، دليل على وعي المواطن وحرصه وتحضره ونظافته وثقافته ووووو الخ من هذه الصفات، وهنا سنرى العكس، سيتسابق المواطن المُغرّم للذهاب الى البلدية لدفع مبلغ الغرامة كنوع من (البرستيج) وسيتشدق بين معارفه بانه مثل الاوربين، ذهب ودفع الغرامة.
|