عذرا .. ايها السياسيون |
الحقيقة الوحيدة التي يمكن الايمان بها أنه لامجال سوى تصحيح جاد وعملي للمسار السياسي في ظل انحدار مخيف في مستوى ضبط الأمن في البلاد خلال الاشهر الماضية. الدعوة الى تصحيح المسار تؤكد ان ثمة اخطاء عميقة يجب إصلاحها هذه المرة بلا مجاملة ومن دون النظر إلى الولاءات الثانونية سواء الطائفية أو المناطقية أو العشائرية، خاصة مع فرضية أن مسلسل دغدغة عقائد الناخبين انتهت مع تنامي الوعي السياسي. النظام السياسي بثوبه الحالي بحاجة إلى عملية جراحية عميقة ينفذها اطباء سياسيون يجيدون التشخيص والعلاج ، وهذا النوع من الاطباء بطبيعة الحال ليس متوفرا في الكتل النيابية المتصدرة للمشهد السياسي . اربعة سنوات تقترب من الانطواء ، والمشهد ذات المشهد لم يختلف شيئا على الواقع فالكتل السياسية في البرلمان بدأت تعلن عن ترحيل معظم القوانين المهمة إلى الدورة الانتخابية المقبلة مؤكدة قرب اغلاق ملف التشريع والرقابة والانشغال بـ"الغنائم الانتخابية " . العراقيون وحدهم بيدهم الكرة في استبدال الجلد السياسي المترهل بجلد جديد فعال ونشط ويقبل الحوار والانفتاح على الاخر بلا قيود أو تخوف أو مؤامرات او انتماءات خارجية . لابأس هذه المرة من مراجعة شعبية تكسر الحاجز الطائفي والمناطقي لاداء مجلس النواب والحكومة معاً ، ولابأس ايضا الابتعاد عن الحسابات الشخصية والنظر برؤية اعمق ونطرح على نفسنا السؤال الكبير ، لماذا ننتقد الكتل السياسية وهي اتت عن طريق صناديق الاقتراع ؟ كل شيء سيكون على حاله في السنوات الأربعة المقبلة مالم يتحرك العراقيون إلى اختيار شخصيات ناتجة وفعالة ولاتنساق وراء رؤساء كتلهم السياسية. اخُتزل القرار في مجلس النواب برؤساء الكتل السياسية ما خلَّف نواباً لاهم لهم سوى ارضاء اولياء نعمهم ولم ينتبهوا إلى قضايا تهم المواطنين . بعض النواب يتصفون بـ"الصلافة " فكيف لضميرهم ان يرتاح وهم يبذرون اموالا طائلة من اجل اسنانهم ومن اجل امراض اخرى حرجة ويذهبون في رحلات علاج ونقاهة من المال العام وكيف لضميرهم ان يرتاح وهم لايأدون وظيفتهم على اكمل وجه؟ وكيف لهم أن يبنوا العراق وهم مازالوا يغازلون دولاً اقليمية؟ ،مناسبة طرح هذه الاسئلة لانهم يقولون إنهم يمثلون احزاباً اسلامية! الفرصة سانحة ليقول العراقيون: سئمنا من الشعارات الرنانة المزيفة والبرامج الانتخابية التي تدرج على الرفوف مجرد اعلان النتائج وقررنا انتخاب الانسب ولايهم سواء كان معمما او حالقا للحيته. لايصحح المسار السياسي الحالي بتجاهل الذهاب إلى صناديق الاقتراع لان الوجوه النيابية السيئة التي كانت محرك الفتنة ومعرقلة لتنفيذ المشاريع وتشريع القوانين ستعود بقوة هذه المرة وستفسد ولاتعمر وستسهم عبر تقاطع مصالحها السياسية والفئوية في استمرار العمليات الجبانة لقتل العراقيين وابادتهم . لاتحمد العواقب لو عادت الكتل السياسية الكهلة التي لاتجيد النقاش وتفتخر عندما تجلس على طاولة الحوار وتعد ذلك انجازا يُحتسب لها، لانها ماتزال تفكر بعقلية المعارضة لابعقلية بُناة الدولة !.
|