عشرات الدوائر الرسمية التابعة لوزارة ، يتولى حمل حقيبتها أمين عام تنظيم سياسي ، تستقبل مراجعيها بحفاوة واضحة ، بابتسامات عريضة ترتسم على وجوه الموظفين المستبشرة في الصباح ، واستعدادهم لتجاوز كل العقبات ، تنفيذا لتوجيهات وزيرهم الذي طالما أمر المنتسبين بان يقدموا أفضل الخدمات بوصفهم مكلفين بواجب شرعي ، يحتم عليهم رفض المظاهر البيروقراطية بكل أشكالها ، والابتعاد عن الروتين في تحقيق إنجاز اسرع لمعاملات آلاف المراجعين . ما يقال عن التكليف الشرعي لتجاوز الروتين لم يلمسه المراجعون ، فمعاملاتهم مازالت بانتظار الإنجاز، مع اعترافهم بانهم يتلقون تعاملاً حسناً من الموظفين ، ويسمعون منهم عبارات الاطمئنان " مولانا لا تستعجل ، المعاملة بحاجة الى توقيع سيد فلان" وهناك من يشير الى آية قرآنية معلقة على الحائط وصورة رمز ديني وبهما يقسم بان القضية بسيطة ، انتظر بالاستعلامات " ونسألكم الدعاء مولانا " وبحسب رواية مراجعين ذكروا ان بعض الدوائر طلبت منهم خلع أحذيتهم للحفاظ على "طهارة الأرضية" للتأكد من نظافتها قبل أداء صلاة الظهر . خلع الأحذية قبل الدخول الى قاعات اللقاءات والاجتماعات مع سياسيين ومسؤولين ، تقليد جديد في العراق ، لم يكن معروفاً وسائداً سابقاً إلا بنطاق ضيق جداً ، وعادة ما يكون في المراقد الدينية ، وهذا التقليد وبحسب تعليق احد المنشقين من حزب ديني يحمل أبعاداً سياسية ، فهو يرى ان ترك "الأحذية والنعل والمداسات" خارج القاعة ، يوفر إمكانية حسابها وبعد قسمتها على اثنين يتضح عدد الضيوف ، وبهذه الطريقة يمكن التوصل الى قياس حجم القاعدة الشعبية ، ولاسيما ان لقاءات الزعيم السياسي مستمرة ، والوفود تتواصل بأعداد كبيرة ، في كل يوم ، وهي على استعداد للإدلاء بأصواتها لصالح القائمة الانتخابية صاحبة الابتكار الجديد في اعتماد "الكيشوانية " لمعرفة أعداد المؤيدين والمناصرين ذوي الاستعداد الكامل على الإدلاء بأصواتهم في يوم الاقتراع ، ورأي المنشق وحده ليس كافياً لتأكيد حقيقة ما ذهب اليه ، فالأمر يتعلق بمراكز الاستطلاع المستقلة المتخصصة ، فهي الوحيدة القادرة على إعطاء بيانات دقيقة عن حجم القواعد الشعبية للقوى السياسية ، أما اللجوء الى " الكيشوانية " فمجرد رأي شخصي بحت ، لا يعبر عن الحقيقة وبحاجة الى إثبات . مع بدء العد التنازلي لموعد إجراء الانتخابات التشريعية العام المقبل ، وبعد توفيق مجلس النواب في تعديل القانون ، وبشكل ينسجم مع التوجه نحو الديمقراطية ، سيلجأ الكثير من القوى السياسية الى أساليب متعددة لمعرفة حجم قواعدها سواء بإقامة التجمعات الجماهيرية او بالولائم والعزائم وتوزيع سندات الأراضي ، ووعود الحصول على درجات وظيفية في الدوائر الرسمية ، وبإمكان الأحزاب التي يقال عنها انها تعتمد على موارد الدولة في الدعاية الانتخابية ، ان تحسب عدد ركاب الحافلة التابعة لمؤسسة رسمية المخصصة لنقل المؤيدين ، وهذا الأسلوب ، يدحض نظرية المنشق في التوصل الى بيانات دقيقة عن طريق "الكيشوانية" .
|