قضية آنيا ليوسكا!

 

هل تعرفون آنيا ليوسكا؟
لمن لا يعرفها، هي صبيَّة بولنديّة وممثلة مبتدئة، عمرها 21 سنة ، ومع ذلك انشغلت بها دولتنا، برلماناً وحكومة، ودخل على خطها نواب ومسؤولون كبار .. لماذا؟
هذه الصبية ليست سوى عاهرة كما تفيد المعلومات عنها، وهي مريضة أو مجنونة ولا شك، إذ تسعى لتسجيل اسمها في موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، بمضاجعة 100 الف شخص في دول مختلفة من العالم، وقد بدأت جولة عبر الكرة الأرضية لتحقيق هذا الهدف. 
ما من امرأة سويّة تفكر بهذه الطريقة.
مسؤولو دولتنا الذين أشرت اليهم شغلوا انفسهم بموضوع هذه الصبية المريضة أو المجنونة أياماً عدة بلياليها، فبعضهم حذّر بأقوى العبارات وزارة الخارجية من مغبَّة منحها سمة دخول تسمح لها بزيارة البلاد. وبعض النواب زعم أنها اجتازت الحدود وشرعت بـ "شُغلها"، فاطلقوا السنتهم بالسّباب والتهديد والوعيد لمن تواطأ معها وسهل لها تدنيس أرض العراق. ولم يتورع بعض أصحاب اللحى والعمائم من إلقاء الخطب الشبيهة بالخطب المحرضة على العنف والطائفية. وبالطبع فان في البلاد آلافاً من أمثال آنيا ليوسكا من عراقيات وسوريات وإيرانيات ومن جنسيات أخرى، يقمن بالعمل نفسه الذي تؤديه الصبيَّة البولنديّة المريضة أو المجنونة، ولا أحد من هؤلاء يرفع عقيرته بالتنديد أو الاعتراض.
حتى وزارة الخارجية "زغّرت" عقلها لتجعله بحجم عقول النواب والنائبات، وهي عقول لا يزيد حجمها عن حجم رأس الدبوس، فالوزارة نفت وكررت النفي أن تكون سفارتنا في القاهرة أو في أي مكان آخر قد منحت هذه الصبية المريضة سمة الدخول أو أنها ستمنحها إياها.
وبعد كل هذه "الهمروجة" يتبين ان كل ما نُشر عن هذه الصبية المريضة أو المجنونة لجهة دخولها الى العراق وبدئها بـ "ماراثونها" الجنسي لم يكن له أي أساس من الصحة، فالقصة مُختلقة، أنتجتها مخيلة شخص مريض هو الآخر أراد أن يتسلى بدولتنا وبنا، وأن يصرف أنظارنا جميعاً عما نواجهه من مخاطر أمنية مهلكة وما نكابده من صعوبات حياتية لا عدّ لها ولا حصر.
ألم يكن أنفع لنا جميعاً لو أن النواب والمسؤولين الذين وضعوا هذه الحكاية المُلفَّقة والقضية التافهة على رأس أولوياتهم واهتماماتهم وبددوا في سبيلها الوقت والجهد، قد أنفقوا هذا الوقت والجهد على قضايا جدية وجوهرية تمس حياة الناس وحاجاتهم؟
ثمة طالب جامعي تحدث الى صحيفة "إيلاف" الالكترونية عن قضية آنيا ليوسكا قائلاً "إنها اشرف من الذين يسفكون دماء الأبرياء باسم الجهاد، ويسرقون قوت الناس باسم الدين، ويتاجرون بالوطنية".
كلام هذا الطالب الشاب يعكس في الواقع الحنق على مسؤولي دولتنا الذين ينصرفون الى السفاسف ويهملون واجباتهم تجاه الشعب، بقدر ما يعبّر عن الغضب على الإرهابيين ومموليهم وحواضنهم الذين يسممون حياتنا على مدار الساعة.