غزت الولايات المتحدة أفغانستان ثأراً للبرجين وضحاياهما. ثم غزت العراق ثأراً لجورج بوش الأب، فيما كانت غزوتها للصومال قبل الغزوتين. النتيجة: الغزوات الثلاث منيت بفشل وفير حتى أصبحت هذه الدولة تتصدر دول العالم في قوائم الأسوأ، وآخر هذه القوائم ما خصّ جواز السفر.
ووفقاً لدليل عالمي معنيّ بتصنيف الدول الأكثر سوءا ًمن ناحية جوازات السفر، وذلك نتيجة للمشكلات التي تواجه حامله في حال قرر الحصول على تأشيرة سفر للعام 2013 فقد احتلت أفغانستان المرتبة الأولى في السوء، تلاها العراق، فالصومال. وهي نتيجة مفيدة للعراقيين الذين يفكرون، على الدوام، بالهرب من بلادهم وقهرها، ذلك أنهم يعانون الأمرّين في سبيل الوصول إلى دولة محترمة، وبعضهم يدفع آلاف الدولارات من أجل هذا الهدف، ولا يفلح. الآن عرف السبب: جوازك العراقي غير مرغوب به.
ولكن، أليس من الغريب أن نظامك السياسي مدعوم من القوة الأبرز في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية، ومع ذلك فهي غير قادرة على دعم جوازك في مطارات العالم المختلفة؟ هذا السؤال، بالطبع، ينطبق علينا نحن العراقيين، وعلى الأفغان، أخوتنا في المحنة.
ويبطل العجب عندما تعرف أن الولايات المتحدة الأميركية، الراعي الرسمي للنظامين في افغانستان والعراق، هي السبب المباشر، في تحطيم بنية الدولة فيهما. وبالنسبة لافغانستان، فلقد كانت حرب تحطيم الدولة فيها أسبق بكثير من الغزو الذي قادته واشنطن عام 2001، مع أن واشنطن نفسها لها يد في ذاك الخراب الذي أعقب انهيار المملكة الافغانية في أواخر السبعينيات وتحولها إلى جمهورية.
أما في العراق، فأنتم تعرفون جيداً كيف كان حلمنا قبل دخول القوات الأميركية إلى بغداد، وكيف تقلب هذا الحلم حتى اصبح أكبر من جحيم وأقسى من كابوس.
نحن ننعم اليوم بدولة تؤشر مختلف المنظمات ومراكز البحوث العالمية على أنها الأولى في كل شيء فاسد ورديء ومنحط، وآخرها قصة جواز السفر.
الدولة التي تمتلك ثروات بترولية هائلة، وموارد بشرية واعدة، يظل جواز سفر مواطنيها غير مرغوب به بالنسبة إلى أغلب دول العالم. ألا يثير استغرابكم هذا؟ ثم ألا يثير أساكم أن نحتل المركز الثاني في هذه القصة بين افغانستان والصومال؟ بالنسبة لي فالأمر أكثر من صدمة!
من حق حكومتنا المجيدة أن تكرر الحديث عن انجازاتها التي لا أحد يراها، وأن تعدّ العراق واحة الأمان والسلام، وأن الاستثمار فيه في أوج نشاطه، وأن عجلة الإعمار تدور بأقصى سرعاتها، وأن نزاهة نخبته السياسية صارت مضرباً للأمثال، والعدالة الاجتماعية فيه محطّ احترام المنظّرين والفلاسفة، وأن الناس في العراق تعيش بمستوى أفضل بكثير من ذلك المستوى الذي تعيش فيه المدينة المصنفة رقم 1 في العالم في هذا الخصوص، وان الشوارع والساحات العامة مجرد متنزهات، والسيطرات وهم عدائيّ من مخيلة جماعة القاعدة والحلف التكفيري الصدامي... من حق حكومتنا المجيدة أن تقيم الأفراحالمستمرة، عبر قناة العراقية، لما ينعم به الناس من واقع تحقق بمساعدة الأميركان وغزوهم في العام 2003، ولكن نرجوهم فقط أن لا يزوّروا الحقيقة المرة التي يعيشها جوازنا العراقي. وأن لا ينظروا بغضب لمواطن يحمل هذا الجواز، حفت أقدامه وهو يتنقل بين السفارات، في عاصمة مجاورة، علّ واحدة منها تشفق عليه فتمنحه فيزة الدخول إلى جحيمها كي يخلص من نعيم العراق!
|