هجوم تحذيري مبكر |
الهجوم على مقر الأسايش في أربيل، يوم الأحد الماضي، ليس بالهجوم الإرهابي الاعتيادي، بل هو تذكير بتهديدات ضد منطقة كردستان ومؤسساتها. ويحمل تنفيذ هذه العملية قرائن عدة على طبيعة التهديد. إنه ببساطة ذو مستويين، داخلي وخارجي. التحضير لمثل هكذا عملية منظمة، وكمية الأسلحة والمتفجرات المستعملة فيها، فضلا عن معرفة المنطقة، كل ذلك يلمح إلى تنظيم محلي قوي وزمان ومكان كافيين لتهيئة أدوات الهجوم والإعداد له وتنفيذه، فبغض النظر عن أي شيء آخر، تطلبت هذه العملية على الأقل ثلاث خطوات وصولا إلى تنفيذها. ولا يمكن إنجاز هذه الخطوات بعناصر داخلية أو خارجية فقط. هناك عنصر بشري داخلي أسهم في هذا الهجوم، ينبغي لقوات الأمن والكادر السياسي في المنطقة ملاحقته. وعلى الرغم من أن الهجوم عزز شعور التضامن والوحدة شعبيا، لكن لا بد من وجود أقلية قليلة تثير الإزعاج في البلاد أو تعرقلها، على أنه يمكن استعمال هذه الوحدة للقيام بحملة توعية وطنية لاستباق مثل هذه الأفعال من خلال خلق وعي لدى الجمهور ومحاربة الجهل والكراهية. هذا الأمر في المستوى الداخلي. أما في ما يتعلق بالعوامل الخارجية، فهناك ثلاثة تفسيرات متباينة لهذا الهجوم، على الرغم من إعلان الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام في البداية عن مسؤوليتها تنفيذه، إذ يتحدث محللون عن ثلاثة تحليلات للهجوم، فالبعض يرى فيه امتدادا طبيعيا للعنف الجاري في وسط العراق وجنوبه، وان العنف في كركوك والموصل تمكن من الوصول الى أربيل. ويعتقد آخرون ان الحرب مع جبهة النصرة في سوريا وصل الى المنطقة الكردية في العراق. وتفسير ثالث يستند الى مقال نشرته مجلة (نيويوركر) الأمريكية، الأسبوع الماضي، تحدث عن طلب قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، من الكرد السماح له بنقل أسلحة الى سوريا عبر كردستان العراق، الا انهم رفضوا. هذه التحليلات الثلاثة كلها معقولة جدا. فهي تشير الى وجود تحد كبير ينتظر الحكومة المقبلة والقيادة الكردية يتمثل بعملهم على تعطيل مصادر التهديدات الخارجية، ومحاربة الإرهاب والتطرف، واشراك الجمهور في هذه المحاربة. المفارقة ان الهجوم حدث بعد يوم واحد من إعلان نتائج انتخابات برلمان إقليم كردستان. ولعل هذا الحادث يدفع بمحادثات تشكيل الحكومة باتجاه حكومة وحدة وطنية واسعة تستند الى التوافق وعدم اعطاء قوة لطرف على حساب الاخرين واستعمال محاربة الإرهاب وحماية كردستان حجة لاخذ طرف ما حصة الأسد في الحكومة المقبلة. وبعد كل شيء، حماية كردستان ومحاربة التطرف من واجبات الجميع. |