هل يمكن للجهود الفردية ان تكون مؤثرة في مشهد معقد ومأساوي كالمشهد العراقي ؟ ومع الإحترام لكل تلك الجهود التي لا ترقى بكل حال من الأحوال لتكون متكاملة فلسفياً و ثقافياً وفكرياً لتأسس مدارساً معرفية وحركات ثقافية وسياسية وتطلق أفكاراً ناضجة تنتشل الإنسان من براثن الهيمنة الأيديولوجية وتحرره من سطوة التطرف الديني والعصبيات القبلية . لم تنجب البلدان طغياناً وطغاة كبلداننا لكنها كانت عقيمة في انجاب المصلحين والمفكرين بشكل ملفت للنظر . لم تنجب بلداننا مدارساً فكرية وسياسية متمثلة بشخص ، وربما إن واحداً من تلك الأسباب هو القمع وغياب الحريات المزمن وطبيعة التاريخ والجغرافيا المحملان بالقمع الفكري وبأثر رجعي يهيمن على اللحظة الآنية في كل الأزمان ، لكن بالمقابل ؛ هل استطاعت شعوبنا ان تعوض ذلك النقص في الجهود الفردية النادرة بعمل جماعي يستطيع أن يسد الفراغ فكرياً وثقافياً وسياسياً ؟ لم تحدث التجمعات والحركات والأحزاب والنقابات شيئاً ذات قيمة فعلية استطاعت ان تغير حال البلاد نحو الأفضل ، بل على العكس تماماً فقد قادت تلك "المؤسسات" البلاد نحو الهاوية في اكثر من مكان وزمان . العلاقات الشخصية والمحسوبيات وغياب الكفاءة والتخندقات العنصرية والفساد وغياب الشفافية والتهميش عوامل مميزة لتلك التجمعات لأكثر من 80 عاماً ، ربما ستجد استثناءً مرحلياً هنا أو هناك لكنه يبقى شاذاً اذا ما استعنا بلغة الأرقام . وأعود لأقول ؛ لا يمكن للجهود الفردية ان تبني او تقدم شيئاً ، ونحن بحاجة لإنبثاق تجمعات وملتقيات متعددة الأغراض والأهداف والرؤى لتنضيج مجموعة من الأفكار واختيار الأفضل منها في محاولة لفتح كوة صغيرة من الضوء وسط هذا الظلام المرعب .
|