بنى السياسيون في العراق أحلامهم على رمال متحركة عندما توهموا سكوتا أبديا للمواطن العراقي على تجاوزاتهم، و لعبوا كل الأوراق على جرف هار بوسائل تنقصها العفة و مخافة الله طيلة السنوات الماضية، عمقوا التشنج الطائفي و نهبوا الخيرات و أنهكوا الشعور الوطني عبر توافقات و مقايضات يستخدمها باعة الخردة و المضاربين في " سوق الغزل".
يستخدمون التخويف الطائفي المتبادل لتحقيق مأربهم الشخصية و الحزبية فلا الشيعة شربوا ماءا عذبا من مضايقات المالكي و لا السنة غرقوا في الاستقرار من تحالفات النجيفي، يختلفون على الكراسي و يتفقون على المصالح الحزبية و الشخصية ، و تنوع الاتفاقيات و التحالفات و نقيضها دليل على ذلك، ما اشاع أجواء الفشل المتراكم و تسويف الحلول، لدرجة وصلت تقديم رجال الدين تصوراتهم بشأن التعاون العسكري بين الدول و الأجتهاد في سباق التسلح و حرب النجوم!!
لقد أخطا السياسيون المسار، وليس في ذلك مفاجأة لأن 90 % لم ينضجوا بعد بحكم مواليد العمل السياسي و مقوماته، لقد راهنوا على بقاء الحال رغم انه من المحال، لذلك " يتخربط غزلهم" مع اي صوت رافض لتوجهاتهم و مزاجياتهم، يحسبون كل صيحة عليهم بعد أن تجاوزوا المتبقي من المنطق في سلوكياتهم الرسمية و الشخصية، يتناحرون في العلن و يتسامرون حتى الصباح في السر، يحفر كل فريق للأخر و يتعانقون أمام الملأ ما افقدهم ثقة المواطن وعمق سخريته أيضا.
لقد انجلى ليل الصبر و الصمت و انتظار الحلول من المجهول، و ستكون الاحتجاجات السلمية بوابة للتغيير الحقيقي، بعد ان عمقت انتخابات القوائم المغلقة و النسب العشرية الخلل و سوء التقدير و مجافاة الحقيقة، تظاهرات اليوم رسالة اللاعودة مع هؤلاء السياسيين الذي يتأمرون لتأجيل الانتخابات البرلمانية و يرفضون الكشف عن موازنات أحزابهم و امتدادتها المخابراتية خارج الوطن... صعب جدا ارتداء مختلف ثياب التخوين و العمالة و الايحاء بالخوف على الوطن!!
لقد راهنوا على استمرار" الموت السريري" لمزاج المواطن عبر حلقات مستنسخة من مسلسل التفجيرات السياسية و الطائفية للبقاء فترة اطول في " نعيم المنصب"، و افتعلوا كل المشاكل الداخلية لالهاء الشعب بعيدا عن تجاوزاتهم، لكنهم سيحصدون رملا هذه المرة، فما عاد الشعب " سماعا للقول" و لاهو مؤمن بالتوجهات الحزبية ، لقد حفظ عن ظهر قلب سيناريوهات الحرب الكلامية و جربهم جميعا فخرج من مولد الوعود بلا صحن اصلا، لذلك لن يلتفت اليهم ولن يستمع الى اصواتهم المتحشرجة، بعد أن أخذ الوسواس من عقولهم الكثير و افقدهم القدرة على الاقناع، انها مرحلة جديدة في تاريخ العراقيين، الذين يرفعون الصوت الرافض بقسوة الزمن للطوائف و التوافقات و تبويس الجباه و الأيادي الأجنبية!!
وفي زحمة التحولات التي " لن تبقي ولن تذر من اجتهادات الأمس و تحالفاته " يأتي صوت " ضغط" ليرسم ضوءا عراقيا جديدا، سيحاسب المسؤول بغض النظر عن توجهاته و خصوصياته كلما اساء التقدير في هيبة العراق و كبرياء شعبه، عراقيون تناخوا لمهمة الضغط المباشر أصحاب القرار لاعادة توجيه بوصلة العراق الواحد المستقر، لذلك سيسخرون المعلومات و القرائن لكشف المستور الرسمي و أولويات اصحابه ، و التأكيد أن الخلل مستشري في الجسد الحكومي العراقي بمختلف اختصاصاته، سيكون " ضغط" على موعد قريب مع السياسيين يسمعهم عكس ما تعودت أذانهم، سيقض مضاجعهم المخملية بتقنين قدرتهم على التضليل و المناورة و الاحتيال على المشاعر، فليس هناك من سياسي مؤمن بمعاناة أبناء جلدته، لكن " أصحاب المقامات يتكاتفون للتخويف من جنازة القتل الطائفي صباح مساء.
لقد فشل السياسيون في العراق بتحقيق الحد الأدنى من الالتزامات الدستورية، و تعودوا انهاك العراق و تخريب مزاج شعبه بطروحات لا يؤمنون بها لكنهم يجيدون توظيفها وقت الحاجة، لذلك تتغامز عيونهم بالطائفية و ينطلق لسانهم بالتخوين والترهيب، معادلة ستكون من الماضي مثل أغلب السياسيين الذين رفعوا شعار التفرقة للبقاء و حاربوا الكفاءات لاستعباد غيرهم، و راهنوا على صفحة مآسي مفتوحة، لذلك يعيشون في الماضي و يرفضون المستقبل رغم أن الكثير منهم مهووس بقرءاة الكف و الفنجان !!