هناك مفهوم متجذر مفاده أن الجامعات الكبيرة أفضل من مثيلالها الصغيرات أو هي في الأقل أكثر ديمومة منها. وكان مثل هذا الرأي حاضرا بقوة أثناء الحوارات التي جرت بشأن أصلاح التعليم العالي في أيرلندا فضلا عن تبنيه من جانب المدير العام لأتحاد الصناعة البريطاني CBI السيد جون كريدلاند John Cridland الذي أشار على هامش المؤتمر الذي عقده حزب العمال البريطاني مؤخرا الى أن (الجامعات البريطانية الصغيرة التي تجد نفسها في الظل قياسا بالجامعات الكبيرة ربما تواجه خطر الأغلاق!). وأضاف في حديث نشرته صحيفة (الغارديان) The Guardian (ربما نتجه على الأرجح الى فترة تندمج فيها الجامعات لأن هناك أعدادا كبيرة من الجامعات لانتمكن من التعاطي معها كلا على حدة). ورغم أن وجهة نظر مثل هذه ليست الوحيدة من نوعها فأنها تظل فاعلة ومؤثرة رغم أنها لاتستند الى أدلة قوية تدعمها. ولنأخذ مثالا واضحا على ذلك ، فمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا Caltech الذي جاء في المركز العالمي الأول على جامعات العالم لايعدو كونه أكثر من مؤسسة علمية صغيرة نسبيا لأن عدد الطلبة فيه لايتعدى أل 3 آلاف طالب ، كما أن المعهد لايتبوأ موقعا هامشيا ولايواجه خطر الأغلاق! على نقيض ذلك نلاحظ أن بعض الجامعات الكبيرة جدا من حيث أعداد طلبتها تحصل على تقييمات متواضعة في الجداول التي تصدر عن مكانة الجامعات العلمية. ولاشك أن ديمومة أية جامعة ومواصلة مسيرتها العلمية لاتستند الى حجمها ألا بشكل محدود للغاية لأن مكانتها العلمية الحقيقية ترتبط بما تتصف به من جودة ووضوح رؤية فضلا عن رسالتها ونشاطها الدائم ووفرة المصادر وكفايتها والقدرة على التفاعل المثمر مع الطلبة وسائر منتسبي الجامعة. وكان السيد كريدلاند على حق حين أشار الى أن الجامعات ينبغي أن تتعاون وتتفاعل مع بعضها البعض بشرط أن يحصل ذلك بصرف النظرعن حجم الجامعة. أن الحوارات الجارية بخصوص مستقبل التعليم العالي تتسم بالأهمية ولاينبغي أن تؤثر عليها الحوارات التي لاتطرح قرائن حقيقية.
بقلم: البروفيسور فيرديناند فون بروندزنسكي 1 Prof Ferdinand von Prondyznski
رئيس جامعة (روبرت غوردن) ، أبردين - أسكتلندا Robert Gordon University
ترجمة: هاشم كاطع لازم أستاذ مساعد جامعة البصرة كلية الآداب
|