برو... كلنا ارهابيين وان لم ننتمي

 

في مامضى.. ربما قبل التاريخ.. كانت كردستان جزءا من وطني.. ويقال انها مازالت اقليم ضمن حكومة اتحادية.. فمن هي الحكومة الفعلية، واية فيدرالية تلك التي لايكون لها وجود ضمن اقليم تابع لها؟ أية حكومة تلك التي يهان مواطنوها دون حتى ان يكون لها علم بذلك، وان كانت تعلم فلا يحق لها ان تدافع عنهم؟ 
ماحدث اليوم على حدود كردستان لايختلف كثيرا عما يحدث في بلدان الاتحاد الاوربي التي يمكن لمواطن أية دولة اوربية فيها ان يتنقل عبر الحدود من دولة الى دولة دون جواز مرور، لايختلف الا في أمر واحد، هو انك تستطيع الوصول الى حدود كردستان دون ان يسمح لك بعبورها ولو كان معك الف عذر وعذر.
كان أمرا صادما ومفاجئا ان تترك عشرات العوائل والمواطنين في العراء على حدود جمجمال لالشئ الا كونهم عراقيين لم ينالوا شرف الحصول على اقامة في كردستان، الاقليم أم الحكومة ام الدولة؟
حدث الامر نفسه على حدود كربلاء والنجف خلال المناسبات الدينية، وحصل في الرمادي في بداية الاعتصامات، لكن كانت هنالك استثناءات لحالات كثيرة منها وظيفية ومنها انسانية.. فالضرورات تبيح المحضورات، ربما لأن نقاط التفتيش داخل العراق الام اكثر تساهلا وتهاونا بالقانون بينما يصعب التفاهم مع قانون دولة كردستان التي ان قالت فعلت
اما اسلوب التعامل الحضاري لجيش وشرطة كردستان، بيشمركة او اسايش او ماذا يدعونهم، فقد كان يتلخص في كلمة (برو) وبصرختهم جميعا: انت ارهابيين، كل من لايملك اقامة لن يعبر الحدود: استدر وعد دون نقاش.. فهل مازلت في وطني؟
سؤال قد يبدو تقليديا.. أين هي تحالفات الحكومتين وزياراتهم المتبادلة وكل المكاسب التي حصل عليها الاكراد والتي تمخضت عن (الهدهدة) والدلال وربما التنويمة التي ترنم بها رئيس الوزراء وجيش السياسيين الذين رافقوه ل (مغازلة) الاقليم والتي قابلها زيارة نيجرفان برزاني ومن لف لفه الى بغداد؟
قد يلقي الاكراد تبعات اجراءاتهم الامنية على خلفية تفجيرات اربيل، ولهم الحق في ذلك بالطبع، ولكن، هل نفذ اهالي بغداد ومحافظات العراق هذه التفجيرات؟ وماذا عن مشاكلهم مع سوريا واكراد تركيا وغيرها من الجهات التي حاولت ربما، استغلال انتخابات الاقليم وماحصل خلالها من بعض الخروقات؟ 
وبعد ان حمل زوار كردستان اليوم وصمة الارهاب وعادوا الى بغداد.. كانت بانتظارهم مفرزة بوابة بغداد التي لاتجيد لغة افضل من (الزعيق) والاهانات والتدقيق في هوياتهم بطريقة تمثيلية مرة، ومستفزة مرة اخرى. وبكل احتقار من جهة رجال المفارز وبالم ومعاناة شديدة للمواطن المتهم دائما، استغرق عبور هذه المفرزة اكثر من ساعة ليجتازها المواطن وهو يغص بتهمة الارهاب التي باتت تلاحقه كظله.
ماكان مميزا في احدى مفارز مدخل بغداد، هو ظرافة احد الضباط الذي تعرف الى احد الركاب من خلال هويته، فحزرها وهو يمازحه: انت كردي؟ ههه.. لاتخلوه يدخل حدودنا، ثم اعاد له هويته وهو يشعر بتمام الرضا عن اداءه واجب الضيافة. اذن، هم يعلمون بما حصل اليوم على حدود كردستان، ولاندعوهم الى التعامل بالمثل مع المواطنين الاكراد الذين مازال الكثير منهم يسكن بغداد ومحافظات العراق الاخرى ويتمتع بخيرات البلد كأي عراقي، لكن الا يستحق المواطن العربي في العراق ان يعامل بنفس الاسلوب في اقليم كردستان؟ وهل مازال هنالك حديث عن الاخوة بين العرب والاكراد؟ 
في تاريخ العراق كله، لم تصل كرامة المواطن العراقي الى مثل هذا الحضيض، فكل مواطن هو ارهابي محتمل في نظر ابطال مفارز التفتيش، وهاهو يغدو ارهابي (بالفسفورة) بنظر ابطال مفارز اقليم كردستان، فأين نولي وجوهنا في بلد لايوجد شبر فيه يحفظ كرامتنا؟ وأية حكومة فيدرالية ام مركزية ام مهما كان اسمها، تلك التي لاترى في مواطنيها سوى انهم ارهابيين وان لم ينتموا؟