الحكومة العراقية تلعب بنار محرقة

 

نقلت الأخبار الواردة من منظمة "السلم الأخضر" Greenpeace"" بأن وزارة العلوم والتكنولوجيا العراقية قد وقعت اتفاقية جديدة من الاتحاد الأوربي ليكون العراق مكباً للنفايات النووية التي ترفض الدول الأوروبية المتقدمة أن تكون مكباً لنفاياتها فتنقلها إلى الدول الفقيرة مقابل منحها بعض الأموال وتمويل بناء المستودعات لهذه النفايات تحت الأرض العراقية. وتوقيع مثل هذه الاتفاقية يعتبر واحدة من أكبر الجرائم التي ترتكب بحق شعوب الدول النامية والفقيرة من جانب حكومات الدول الغنية والمتقدمة وكذلك من جانب الحكومات التي تقبل أن تكون أرضها مكباً للنفايات النووية. إنها جريمة لا تغتفر ولا بد من معاقبة أي حكومة تمارس ذلك بإسقاطها وإلغاء الاتفاقية التي توقعها بهذا الصدد وتقديم موقعيها إلى المحاكمة لأنها ضد البيئة العالمية والمحلية وضد الشعوب والشعب المبتلى بمثل هذه الحكومة.

ومنذ سنوات بدأ النضال السياسي والبيئي لمنظمة السلم الأخضر ضد نقل النفايات النووية وفضلات المنتجات الصناعية الكيماوية وغيرها إلى البلدان النامية والفقيرة، بما فيها بعض الدول الأوروبية الضعيفة التطور مثل رومانيا وبلغاريا، إضافة إلى دول أفريقية. وقد كشفت المنظمة النقاب عن الكثير من الجرائم والتجاوزات التي ارتكبت حتى الآن والتي تلحق أفدح الأضرار ولقرون من السنين بالبيئة العالمية إلى جانب البيئة والإنسان في الدول التي تنقل إليها تلك النفايات.

أما عراقنا المستباح من الدكتاتوريات الظالمة فقد أصيب خلال نيف وثلاثة عقود بمزيد من التلوث في مياهه وتربته ومزروعاته ونخيله وأجوائه، وقبل هذا وذاك بإنسانه، نتيجة الحروب التي خاضها النظام والأسلحة المحرمة دولياً التي اُستخدمت في هذه الحروب, كالسلاح الكيماوي من جانب النظام العراقي أو العتاد الحامل لليورانيوم المنضب من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، إضافة إلى استخدام أسلحة ومعدات أخرى، منها العنقودية الانشطارية مثلاً، مما تسبب بموت عشرات ألوف العراقيين الجنود والناس الأبرياء أثناء تلك الحروب، إضافة إلى ظهور أمراض سرطانية جديدة التهمت المزيد من ابشر وبعض هذه الأمراض لم يعرف العراق سابقاً، وكذلك ظهور أمراض أخرى كثيرة تتسبب في موت الكثير من الناس الأبرياء. وتحتوي أرض العراق حالياً الملايين من الألغام الأرضية المزروعة على الحدود العراقية الإيرانية والعراقية التركية في إقليم كردستان العراق ومناطق أخرى وكذلك القنابل والصواريخ التي لم تنفجر ومدفونة في الأرض العراقية والتي لم تنظف حتى الآن وتكاليفها لا شك كبيرة جداً وضحاياها أكبر. وتشير المعلومات المدققة إلى إن العراق يفقد الكثير جداً من بناته وأبنائه سنوياً نتيجة الموت بالسرطانيات الناتجة عن استخدام العتاد الأمريكي والأسلحة الأخرى.

والعراق من جانب آخر يمتلك الكثير من الموارد المالية المتأتية من ثروته النفطية، فهو ليس بحاجة إلى أموال تدفع له مقابل دفن النفايات النووية الأوروبية في الأراضي العراقية. ويكفي أن يتوقف النهب والسلب الذي لم يعد سراً لتصبح معدل حصة المواطن العراقي عالية جداً من الدخل القومي السنوي. فالفساد مستشري ولا يعرف الإنسان طبيعة الصفقة الجديدة بين العراق والاتحاد الأوروبي والمبالغ التي دفعت رشوة للحصول على موافقة الحكومة العراقية للتوقيع على هذه الاتفاقية الخيانية بحق الشعب العراقي.

إن عقد اتفاقية من هذا النوع وأيا كان السبب تعتبر جريمة بحق الشعب العراق وخيانة لقضية الشعب وبيئته، إذ إن تمتع الشعب ببيئة نظيفة أصبح جزءاً أساسياً من حقوق الإنسان التي لا يجوز التلاعب بها أو الإساءة إليها بأي حال.

إن على الأحزاب الوطنية والديمقراطية، على قوى التيار الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني, وعلى كل الناس الوطنيين بالعراق أن يرفعوا راية النضال ضد عقد هذه الاتفاقية أو التوقيع عليها من جانب مجلس الوزراء أو مجلس النواب أو أي جهة أخرى. أن علينا جميعاً أن نرفع صوت الاحتجاج والإدانة لعقد مثل هذه الاتفاقية المناهضة لسلامة وصحة الإنسان العراقي وبيئته وطعامه ومائه وأمه الحاضنة، أرض العراق الطيبة.

لترفع منظمات التواصل الاجتماعي أصوات الاحتجاج ولتنظم المظاهرات ضد هذه الاتفاقية اللعينة قبل فرضها من وراء ظهر الشعب وبخيانة لا يمكن السكوت عنها.

لنسقط اتفاقية جعل العراق مكباً للنفايات النووية، كما اسقط الشعب العراقي قبل 65 عاماً اتفاقية بورتسموث في وثبته المجيدة في كانون الثاني/يناير من العام 1948.

ولنردد جميعاً قول الشاعر كاظم السماوي الذي ناضل من السلام والديمقراطية بالعالم وبالعراق:

وإذا تكاتفت الأكف فأي كف يقطعون

وإذا تعانقت الشعب فأي درب يسلكون