(عن الأيام السوداء، الطويلة، في العراق):
نقرأ أن القادة يستعملون ورقة الأمن لربح الانتخابات. كان مثل هذا الحديث بمنزلة اسطوانة مشروخة: الخدمات والتغيير، وكسب الشعبية بالإقناع والخطاب المحدث طريق مضمون للفوز.
وفي التفاصيل، يكون رابح الانتخابات أكثرهم قوة وخبرة في استعمال ورقة الأمن. والاستعمال يعني تهييج الشارع، فتح الباب أمام ذئاب الميليشيات، والسماح، قدر المستطاع، للمفجرين والذباحين والمكفرين، بالاستيقاظ والعودة إلى الشارع.
وفي الخطة أيضاً، أن تتضمن الورقة ألعاباً مختلفة عن تهجير متبادل، وإحياء سريع لمشروع الدوائر السكنية النظيفة من الاختلاف الطائفي. ألعاب من قبيل عدم السيطرة على حماة مسلحين لطوائف. هناك تسمع اللاعبين يصيحون في الدعاية الانتخابية: انا الأمن.. أنا الحماية.
وفي الحصيلة.. رابح الانتخابات، أكثرهم استعمالاً لـ"الأمن". وسيكون زعيم الأغلبية أشد المحترفين في لعب "ورق" الحياة والموت.
لهذا علينا انتظار أيام سوداء، بورق لعب حمراء.
(عن المسكوت في رحيل بلون المفخخات):
محاولة تصوير اللحظات الاخيرة للحياة، قبل دوي التفجير، قاسية جداً. إنها لا تعادل ألف غفوة بليدة يقرر فيها المفجر الضغط على زر التفجير.
بل أن القسوة تكمن في أن كل هذا الموت تسببه لحظة نائمة في رأي يقظ. وأنى لك مشاهدة جثث الضحايا فتأكد أن الأمر تم بيسر وسهولة، وأن الجميع كان يفكر ويحب ويأكل ويتنفس، أي شيء سوى أن يموت، قبل أن يهبط قابضو الأرواح، بمحركات ملغمة.
أحياناً تجبرك سهولة الموت إلى هذا الحد على السؤال: لماذا يوافق القابضون على رحيل بلون المفخخات؟.
(عن الذين يعتقدون بالنجاة):
كل يوم ثمة ناجون. الحياة لا تعرف شيئاً عن الأمس، وهذه الأرض تلد الكثير من فاقدي الذاكرة. والذين تجاوزتهم هذه العبوة وتلك المفخخة يذهبون إلى الأسواق بعد أن يغسل رجال البلدية الأسفلت من الدماء.
وغالباً ما يحصل أن الناجين يشربون عصير الرمان بعد دقائق من سكوت صفارات الإسعاف.
النجاة ملتبسة مع هذا الموت، هي مركبة معقدة بين لذة الفوز بالحياة، وتصديق أن الموت القادم لن ينتظرك أكثر لتنجو. النجاة مثل إغواء ضروري لاستمرار التناسل.. تناسل فكرة الإيمان بأنك الناجي لمرات أخرى.
(عن الذين لا نراهم ولا نسمعهم):
لو أن الناجين والراحلين بموت المفخخات يعرفون أن بين حزبيهما أغلبية صامتة لا تعرف من ترشح، وهي منذ عشر سنوات تعيش الكآبة، حتى لو تموت في وجه انتحاري يريد الزفاف في السماء. هؤلاء أصابتهم المفخخة الأولى بالهلع، ويراقبون العالم الخارجي من فتحة تهوية حمامات بيوتهم.