نصف الحكاية

 

 

 

 

 

 

ربما كان على رئيس الوزراء نوري المالكي أن يحمد الله ويشكر فضله ليل نهار، وان يرفع يديه بالدعاء لان القانون الذي سعى الى وضعه الانكليز في العراق بعد عام 1921 لم يعد يطبق ، وإلا لكان الآن يقضي خريف عمره في السجن جزاء ً له على إخلاله للوعود الإنتخابية التي قطعها على نفسه عام 2010 ووصل من خلالها إلى منصبه.
الإنكليز " الكفرة " الذين لايصلون آناء الليل ولايسبحون أطراف النهار ولايملأون الفضائيات بالحديث عن مخافة الله والحلال والحرام ، عاقبوا وزير الطاقة البريطاني السابق وزوجته وألقوهما في غياهب السجن لمدة ثمانية أشهر بعد أن تمت إدانتهما بتهمة تضليل العدالة والكذب بشأن مخالفة مرورية .
المثير للعجب أن المخالفة المرورية التي ارتكبها الوزير لم تقتصر فقط على وسائل الإعلام والمحافل السياسية، بل وأثرت على علاقته بأبنائه، هذا ما عرفه الناس عندما تسربت إلى الصحافة نصوص الرسائل المتبادلة بينه وبين إبنه الأكبر الذي اعتبر أن ما حدث كان خطأ لايغتفر يتحمله والده، وأنه يشعر بالمرارة الشديدة لأن والده كذب ، ومع ذلك وبرغم كل ماجرى لم يقف الرجل ليصرخ في الناس ويتهمهم بالانتماء لحزب العمال العميل ، وبتنفيذ اجندة قطرية تركية ، ولم يراوغ ويتهرب من المسؤولية ، ولم يلجأ إلى " حديث الاربعاء " لكي يبرر للناس اكاذيبه ، لم يحاول أن يتدارى خلف النصوص الدينية والشعارات الطائفية ، ولم يتهم المعارضة بالتآمر عليه، ولم يشتم " الإعلام الفاسد العميل " ، بل أجرى حوارا مع صحيفة الغارديان الشهيرة قبل صدور الحكم قال فيه بالحرف الواحد :" أشعر بالأسف وأريد أن أعتذر للعائلة وللأصدقاء وللناخبين ، " 
إياكم أن تشعروا بالحسرة، أو تتمنوا زوال النعمة ، تذكروا فقط أن رئيس وزرائكم " الحاج " يحفظ القران ، ويصلي الفجر ، وينتمي إلى حزب ديني .. أفلا تعقلون ياولى الالباب ، يامن تنبهرون باخبار " الكفرة " من المستعمرين.


من يوميات "نصف الحكاية" للكاتب علي حسين