رسالة الى الامام الجواد ع

 

بيدين من عتب،ومن عنبٍ، ايها الحجازيّ الذي تذوّق اليتم والحزن وحريق الخيام، لقدمين احترقتا في البيت وهما تركضان خلف الرضا ع وهو ينادي نار الخلفاء:انا ابن ابراهيم الخليل، وحين اغمض عينيها على رماد بيته جلس يبكي ويقول: ذكرتني النار هروب عمتي زينب ويتامى جدي الحسين ع حين أحرق الظالمون الخيام...ياوارث حزن الانبياء وغربة الأوصياء...ايها الشباب الذي بحث عن حضن ابيه في طوس ، فنام قرب جده في مقابر قريش...دلّني على طريق أصل بها الى زهرة عمرك القصيرة؟
بيدين من حنّاء، الثم شباكك الفضي وانت تنام قرب جدك الكاظم ع وكأنك تقول لك: أنا وريث حزنك وكاظم غيضك الذي أورثته اليّ مع عنقود العنب الذي سقط بين يدي ابنك الرضا فغفا هناك في الغربات، ايتها العمامة المحمدية التي أوتيت بها الحكم صبيا..اين صباك؟ ولياليك كلها وحشة بين قبور تمشي بأهلها؟
ياوليد المدينة المنوّرة بوجوهكم: لماذا اغتالك المنفى العراقي كما اغتالت اباك طوس؟ هل ضاق المراد عليك في مدينة جدك التي احتلتها مطاوعة العباسيين لتفتح باب المراد عند قدمي جدك الكاظم يوم كانت كرات الحديد تمنعه من المشي في سجنه؟ ايها الجواد بالحزن على وجوهنا المتعبة وارواحنا التي أدخلها علي بن ابي طالب في خرابه الجميل؟ ايها النائم قرب جده ليواسيه: لم اسمع ان حفيدا واسى جده بقبر واحد سواك، ربما كنت عبد الله الرضيع الجديد الذي عليه ان يكبر لينتظر حرملة يسقيه كأس الموت بيد إمرأة تغلق الباب عليه ليكون وحيدا وهو يتذوق طعم الموت غريبا ووحيدا وايامه تسيل بين قدميه...ايها البعيد عن عاشوراء والقريب من كربلاء..لماذا اخترت أن تموت وحدك بين جدران صماء ليس باستطاعتها ايصال صراخ روحك وأنت على السطح تنظر الى السماء بعينين علويتين ممتلئتين بالدمع؟ اتيقن ان يديك كانتا تبحثان عن شربة ماء او ربما كفين لاتحملان عنبا مسموما او سهماً مسموماً يترك توقيعه حرملة عبّاسي على رقبة من الفضة ليسيل دم محمد ص واله من جديد؟
ايها المدينيّ الذي لم تنسخه آية بغداد من الكتاب، ايها الواقف على الاعراف تعرف الماشين اليك بوجوههم..ياشجرة الضيم الذي روّتها دجلة بالعباسيين فأراقوا روحه بين يديه وهو ينظر اليهم...ايها الباحث عن وطن يموت فيه ولم يجد سوى مقبرة تحمل اسم قتلة اجداده جميعا!!.
سيدي ياابن رسول الله ص واله وسميّه: اتعبنا حزنكم لانه الحزن الوحيد الذي يوصلنا الى الله، الله يحب المحزونين،ونحن كلما لذنا بقبرٍ من قبوركم بكينا على أنفسنا جنبكم..هل لنا بميتة نواسيكم ايها الناس لنقول بعد ذلك: إنّا كنا معكم...كيف لقلوب تقترب من مصباحكم أن لاتضيء بوجه الله..ايها الغريب الذي واساه العراقيون بأدمعهم في المنافي والغربات: هبْ لنا وطنا لايتنافس فيه قاتلوكم على ذبحنا لأننا مشينا الى دم محمد الغريب ص واله ولحمه وروحه..كيف لأصابعنا أن تتلمس فضة شبابيكم ولاتتكلم مع ارواحكم التي تطوف بالزائرين؟.
ياسيدي الجواد: جئنا ننعاك الى نفسك وشبابك الذي اراقته السياسة القديمة-الجديدة باسم إسلامهم الغريب الذي لايجد غضاضة في حرق خيام جدك الحسين ع ورفع رأسه فوق رمح طويل،جئنا ننعى انفسنا التي مازالت حتى الان تبحث عنكم في البلاد البعيدة القريبة ونقول: طبتم وطابت الارض التي فيها دُفنتم...استكثر القتلة عليك انك لم تكن طفلا يحمله الحسين ع ظهيرة كربلاء ليذبحه سهم الحراملة فعمدوا الى كاتم الصوت يوم اغلقوا الباب خلفك لتلاقي وجهك ربك الذي لم تفارقه كما فارقت دولة بني العباس وبقيت جليس دارك والقرآن.