عفاريت ام طواغيت ؟

 

تاتي دوافع الاعتراف بالحقيقة , بعدة دوافع واسباب منها . اعتراف بفعل تأنيب الضمير , بالذنب والخطيئة من بشاعة الفعل المقزز والمرفوض , ويلعب هنا دور استيقاظ الضمير , الذي يدفعه الى قول الحقيقة , مهما كان الثمن والضريبة . ومرة ياتي الاعتراف عن طريق زلة اللسان ( لسانك ان صنته , صانك , وان اهنته , اهانك ) لذا يمسك المجرم بتلافيف الجريمة . ومرة ياتي الاعتراف عن طريق المشاعر الوقحة بالصلافة والاستخفاف والاستهزاء بعقول الاخرين , حتى يثبت شطارته وذكاءه , بانه يعرف من اين تؤكل الكتف . ومرة ياتي الاعتراف عن طريق الغباء والجهل السياسي . وفي كل الاحوال والطرق , لابد من هؤلاء المحترفين , دفع الثمن والجزية والضريبة , حتى يستقيم العدل والحق , من الناحية القانونية او من ناحية حساب الضمير .. اما في العراق الجديد , فكل شيئ بالمقلوب , ضمن الواقع العراقي المغلوط بالمفاهيم والقيم والمبادئ , وبحكم الثقافة الدخيلة بالاصرار على الخطأ حتى لو انقلبت الدنيا وزلزلت بزلزالها . . لذا ساد التعامل بين الاطراف السياسية المتنفذة , الذي يعتمد على الشيطنة والدهاء والمكر والاحتيال , ضمن سياسة كسر العظم والشطب السياسي . من هنا فان الاعتراف لا يشكل اية اهمية , ويمر بشكل عابر , لايثير اي شيئ مهما كان حجمه , او العواقب التي تولد منه , طالما ينظر الى الامور بشكل مقلوب , وإلا ماهو مفهوم ومعنى من مضمون تصريح السيد المالكي , حين يعترف بان ( البلد الذي يديره حاكم طاغي , تتكاثر فيه اعداد الشهداء )وماهو التفسير المنطقي حين يقول ( وجود شهداء بشكل كبير , هو حالة طبيعية في ظل وجود نظام فاسد دكتاتوري ) والحالة العراقية بماذا تنطق وتقول ؟! وبكل يوم يسقط شهداء , بالقتل المجاني , الذي يحصد الابرياء , وماذا تعتبر الارقام المفزعة والمرعبة , التي تتجاوز على اكثر من الف شهيد والاف الجرحى كل شهر ؟ ودون ان تلوح في الافق , على وجود دولة وحكومة , لها هيبتها ومكانتها ومنزلتها !! وتعمل على وقف قطار الموت , وتمنعه من الايغال بلعبة الموت اليومية , ومن دون ان تكون هناك مراجعة جدية لوقف الانهيار الحاصل في الوضع الامني , ومعالجته بشكل سليم , بحيث يجنب البلاد من الوقوع المزيد من الضحايا والشهداء , وهي مهمة ومسؤولية المشرفين على مقدرات البلاد , بحماية المواطن , من اهل الحل والربط , والذين يملكون مفاتيح الحل للازمة التي تعصف في البلاد , ومتى يعترف المسؤول بفشله واخفاقه ويترك المقود للاخرين , ان سقوط الشهداء والضحايا سيستمر , طالما المسؤول الاول متشبث بالكرسي , مهما كان حجم الشهداء الذين يسقطون كل يوم , ام ان العراق جدب وقحط وخلا من الرجال , الذين هم اهلا بالمسؤولية بتحمل اعباء الوطن . . والمصيبة الاخرى من مصائب الوطن المنكوب , هو الاعتراف بالحقيقة من دواعي الصلف والوقاحة والاستخفاف والاستهزاء بعقول الاخرين , كأنهم يخاطبون شعب من الجهلة والاغبياء والمتخلفين والاميين , هو تصريح خالد العطية ( ابو البواسير الذهبية ) بانه اخذ المبلغ 59 مليون دينار , بشكل قانوني , وان ثمن عملية البواسير , كانت ضمن الاسعار المتعارف عليها . اذن لماذا القانون ينصف خالد العطية ويحرم الاخرين ؟ ولماذا هذا التحيز والانحياز والتمييز , كأن خالد فوق الجميع والقانون !؟ اين عدالة القانون حين يسرق ويسطو وينهب الاموال الدولة ويقف بجانبه القانون , والاخرين ياخذ بجريرتهم باعتبارهم مجرمين خارجين عن النظام والقانون !؟ وهل هناك عاقل واحد في هذه البلاد المنكوب بصعاليك السياسية . بان عملية بسيطة تكلف هذا المبلغ الضخم ؟ سوى جواب واحد , بان بواسير خالد تختلف عن سائر البشر , انها من الوزن الثقيل , ولهذا تحتاج الى اموال طائلة , الله يحفظ اهل البواسير ويسعدهم , من منحهم القدر قائد ميمون ومحنك , يدافع عن حقوق البواسير.