البحث عن اجوبة لأسئلة مصيرية |
تصوروا - مجرد تصور - لو ان النبي محمدا "ص" جمع صحابته " نصفهم منافقون" وقال لهم بالحرف :" عباد الله اوصيكم ونفسي بتقوى الله واعلموا ان تراكم الكولسترول مجلبة لتصلب الشرايين وانه لشر لو علمتم عظيم " ... واعوذ بالله من التقول على خير الرسل . او انه صلوات الله وسلامه عليه خاطبهم قائلا : " ان الامن الالكتروني يحتاج الى سن بروتوكولات دولية جديدة " ... ترى ما الذي كان يمكن ان يفهمه الصحابة "المتقون منهم" من هذا الحديث ؟ فلا الكولسترول من لهجة قريش ، ولا تصلب الشرايين اقرها المجمع العكاظي آنذاك ، ولا الالكتروني كانت واردة في معلقة الملك الضليل ولا في اي من المعلقات السبع او العشر . النبي خاطب صحابته بلغتهم وبمستوى وعيهم والقرآن الكريم نزل كذلك ، وكانت ثقافتهم في معظمها ثقافة لغة وشعر وتقاليد عشائرية وصحراء وجمل . ولو انه صلوات الله وسلامه عليه فعل غير ذلك - وحاشاه ان يفعل - لما بلغ رسالته ولتناثرت دعوته كصرخة في صحراء . الى وقت قريب ، عشت انا بعضا منه ، كان سبب الوفاة الذي يفتك بالجيل الذي سبقني والذي سبقه هو موت "الفجأة" . وكنا نقرأ الفاتحة في كل مرة ينعى احد من العالمين بموت الفجأة . الا ترون معي ان هذه التسمية اختفت عن الالسن وستختفي قريبا عن الذاكرة ايضا بسبب الانجازات العلمية التي حققها العالم المتحضر ، حتى اصبح الدخول الى شعيرات الدماغ اسهل من الدخول الى جامع لاداء فريضة الصلاة عند البعض . الان اتضح ان لكل شيئا سببا وهذا جزء من رسالة القران الى البشر ؟ ما يعني ان موت الفجأة الذي كان "صحيحا" بالامس ، لم يعد ينطوي على اي معنى اليوم . و هذا لا يعني ان جميع اسباب الموت باتت مكتشفة اليوم ، بل لا ابالغ حين اقول ان غير المكتشف منها هو اكثر من المكتشف " وما اوتيتم من العلم الا قليلا " . لكن الفرق ان الاخر لم يعد يقنعه تسمية "فجأة" فراح يبحث عما وراء ذلك في الشرايين والاوردة والاعصاب وبلازما الدم ، فيما وجدنا في هذا السبب راحة لنا ولاسلافنا ولمن سبقونا في الايمان فآثرنا الركون اليه لانه يقينا مؤونة البحث وتقصي الحقائق . لا يعنيني ان يتهمني المتربصون بتجاوز الخطوط الحمر ، ما يعنيني بالضبط هو التعبير عما اراه نابعا عن علم وقناعة شخصية ، اي ما اراه انا حقا وحقيقة حتى يثبت لي بطلان ذلك . يسود الاعتقاد لدى الكثير بان الله خلق هذا اعمى لمصلحة ، وخلق ذلك اصم لمصلحة ، وخلق تلك خرساء لمصلحة . والمصلحة هنا اما عامة تخص المجتمع او خاصة بالمصاب فخصه الله بها ليفتح له ابواب الفردوس المقيم يوم القيامة . حديثي هنا موجه خاصة للمرجعيات الدينية ولكل من ارتدى عمامة الرسول "ص" واتخذ من المنابر مصدرا للرزق والثراء والترويج لاولياء الامور ، ان يهيئوا انفسهم - كلا حسب طاقته - للاجابة عن اسئلة كبرى بدأت تظهر على السنة اولادنا وستتضاعف هذه الاسئلة و تتعقد في القابل من الايام ، وتتعقد معها الاجابات " ان وجدت" . مازلنا نؤمن حتى هذه اللحظة بان رب العزة يحيي ويميت على المزاج والاهواء منطلقين من "يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو على كل شيء قدير " وحاشاه ان يفعل ذلك عن مزاج او هوى فقد وضع جلت قدرته كل شيء بميزان ومنح كلا من عباده فرصة واحدة للحياة الدنيا ووفر له الفرص الكافية للنهوض بمستوى خلافة الله على الارض ، وحاشا لله ان يسلب هذا الحق من الانسان . و الذين يتجرأون و ينسبون له هذا الظلم الفاحش انما يساوونه باي ذباح أشر في تنظيم القاعدة . المشكلة ان الكثير منا لا يميز بين علم الله ومشيئته وقدرته على تنفيذ تلك المشيئة النافذة . وللتبسيط اقول ان موعد محياي ومرضي و مماتي كلها في علم الله وهو قادر على فعل ما يريد لكنه بحكمته البالغة ترك للبشر حرية الارادة والتصرف حتى وان تعارض ذلك مع ارادته . والا كيف لنا ان نجد تفسيرا لهذه المجازر البشرية التي ترتكب يوميا . هل هل هي بمشيئة الله ام علمه المطلق ؟ العلم اليوم خاصة في مجال الطب يحقق في كل يوم قفزة والخارطة الجينية التي اعدها الغرب الكافر النافر رغم انها تكشف جانبا مذهلا من عظمة الخالق ، الا انها ستكون مثار اسئلة جديدة . اسئلة تفوق في مستواها كتب الصحاح وبحار الانوار و من لا يحضره الفقيه . اسئلة تحتاج الى مؤسسات بحثية كبرى تعكف على توفير اجوبة حقيقية لا تعتمد فقط على الترغيب في حور الجنة النواهد والتخويف من شواظ الجحيم . فهل من مجيب ؟ اللهم اشهد اني بلغت ما اعلم واغفر لي ما أجهل وسدد خطاي للحق باذنك . |