اذا كنا نفهم سبب صمت الحكومة عن الخروقات الامنية الخطيرة منذ اسابيع على انه فشل القراءة الصحيحة للتحديات ، جاء حديث المتحدثين باسمها بمفردات متضاربة و غير منطقية على الاطلاق، فاننا في المقابل نعجز عن تفسير سكوت المرجعيات الدينية على ما يجري في البلاد بسبب التفجيرات و أخواتها، رغم أن التحريض على القتل و العنف الطائفي وصل مديات خطيرة لم تسلم منها مقامات أصحاب رسول الله " ص".
واذا كنا متفقين على ان الاسلام دين يسر لا عسر ، فانه ينبغي التخلي عن نقيض ذلك من ممارسات و طقوس خاصة عندما تتحول الى مشروع للاستهداف الدموي كما هو حاصل في العراق، ما يضع على عاتق المرجعيات مسؤولية الانتصار لحرمة الدم العراقي من خلال فتوى تجيز تأجيل بعض الشعائر لحين استقرار الأوضاع الأمنية.
ونحن هنا لا نغمط حق أي انسان في زيارة العتبات المقدسة و التبرك بآل بيت رسول الله " ع" ، لكننا نجد فرصة لتأجيل الزحف اليهم بما يفوت الفرصة على أعداء الأخوة العراقية، ويقطع دابر الفتنة التي يريد البعض تحويل الماضي الى معول هدم يومي بما يخدم مشروعه السياسي، فالذي يتطاول على الصحابة هو ارهابي و الذي يستهدف الزوار ارهابي ايضا و الذي يسكت على القتل الطائفي ارهابي مثلهما، علما أن العراقيين لم يتثقفوا على هذا النوع من الخطاب الديني أو السياسي، لأنهم ببساطة يمارسون الطقوس الدينية بلا تشدد وبقناعة الخيرين.
ان محاولات بعض الكيانات السياسية تحويل كل مناسبة دينية لتمرير مشاريعها الحزبية يمثل خروجا على القانون و القيم الاجتماعية، وأن المسؤول الذي يتطوع لخدمة زوار الأئمة " ع" و يحنث باليمين عند ممارسة مهامه الوظيفية فان الحسين و الزوار منه براء، واذا اتفقنا على ان دم المسلم حرام فيجب ان نرفع الصوت عاليا للمطالبة بفتوى عاجلة توقف العنف الطائفي و عبث السياسيين بمختلف عناوينهم، لأن العراق و شعبه ليس سوقا للمضاربة التجارية و النرجسيات الشخصية، مثلما أن زرع بذور الفتنة جريمة بحق انسانية العراقيين، وذلك احتراما لقوله تعالى" أَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ".
واذا اتفقنا على دخول العراقيين نفق الخوف الطائفي فان المرجعية مطالبة بفتوى ملزمة للجميع بالتصرف على المتوارث من أخوة عراقية تعقبها لقاءات اجتماعية و تثقيف نوعي للشباب على قيم الوطنية و متابعة ذلك بحرص بعيدا عن مبدا رمي الحمل عن الأكتاف، وبما يقطع الطريق على " التجنيد الطائفي" بسبب الحاجة و قلة المعرفة و الشطط الاجتماعي، التي غالبا ما يوظفها الارهابيون حطبا لنيران أحقادهم و دسائسهم الدولية.
واذا قبلنا بان العيش في الماضي يقطع الطريق على الابداع و التطور والتكامل على كل المستويات، مثلما يشكل عائقا امام فرصة طي صفحة الماضي القريب،، فاننا في المقابل سنبقى عاجزين عن توصيف حلول لمرحلة كنا و مازلنا من الشاهدين على تفاصيلها، ما يستدعي فهما جديدا للأولويات واحتراما مختلفا للمفاهيم المتوارثة.وبعكس ذلك سيبقى التثقيف على تواريخ لسنا من بين شهودها و نقلت الينا بمزاجيات كثيرة سلاحا يستهدف الاخوة العراقية.
ونحن هنا لا نختزل الوقائع بحادثة أو مناسبة بل ندعو الى التبصر بالماضي لمنع تكرار المآساة في المستقبل،والحيلولة دون استغلال المناسبات لتفكيك عُرى التواصل الاجتماعي، فكل عراقي ينحني اجلالا الى آل بيت رسول الله " ع" وأين نحن جميعا من تضحيات سيد شهداء اهل الجنة، وكم سياسي أو رجل دين يقتدي بعفة و تضحيات الأمام الحسين " ع" ؟ و لأن الجواب لا يقبل الاجتهاد فاننا ندعو الى صفحة عراقية جديدة تقرأ التاريخ بعين و أخرى على المستقبل ، وهي مهمة تليق بالخيرين و ما أكثرهم في العراق لتدشين حلقة اضافية في مراحل التجانس الأخوي في العراق، و تحويل كل المناسبات الى طقوس مصالحة بين الماضي و الحاضر.
فنحن نتباهى بتوصيفنا العراقي الجامع لكل فصائل الدم والولاء، و أن نزحف الى مقامات آل البيت " ع " ليس من باب الندم أو التحسر بل شكرا لهم على الإمساك بارض العراق من أطرافها الأربعة، لسنا شعب نفاق أو شقاق بل أحفاد بيت رسول الله " ص" ومن حقنا التفاخر بذلك حيث أختص العزيز القدير أرض العراق لتكون شاهدا على تضحيات خطتها ارادة سماوية لمنع التطرف و الغلو وأنانية الأفراد، فكم يحق للعراقيين التباهي بهذا التكريم الالهي، وكم مطلوب منهم المحافظة على قدسية الأرض التي يسيرون عليها منعا للتطرف و القتل و نكران الجميل!!