وزارة "عمود" الكهرباء

 

في المنطقة التي اسكن فيها ببغداد  تجري الان وعلى قدم "شفل" وساق "خباطة" عمليات تبليط لشوارعها وازقتها وزنقاتها. لكن  من  دون المحلة كلها بدء من شارع المولدات شمالا حتى شارع المولدات جنوبا , يعني من زاخو محلتنا حتى فاوها .. ومن غرب شارع المولدات حتى جنوبه لانك حيث تمشي لاتجد امامك نقطة دالة سوى شوارع المولدات في طول الوطن وعرضه فقد ترك نصف زقاقنا بلا تبليط. شكلنا وفدا من وجهاء الزقاق لمقابلة مهندس القضية الذي اخبرنا  ان هناك مشكلة "عويصة" في زقاقكم تتمثل في زحف احد اعمدة الكهرباء الى الشارع. 
لم يتركنا الرجل في حيرتنا حيال ذلك العمود الذي اربك خطة التبليط الوطنية. قادنا الى موقع الحدث  لكي يرينا "المصيبة السوداء" بام اعيننا والتي تتمثل في زحف التيل نحو الشارع وليس الرصيف. تاملنا المنظر جيدا غير مصدقين ما يجري. قررنا الاقتراب من العمود الشامخ في نهاية الزقاق فاكتشفنا ميلانه كاي برج بيزا . ثانية لم يتركنا الرجل في حيرتنا. قال ان الجهة التي نصبت اعمدة الكهرباء لم "تضيط شغلتها" بحيث زحف هذا العمود ليمتد على الشارع الرئيس واذا ما بلطنا فاننا سنبلط حوله بحيث يصبح وسط التبليط. 
الحيرة امتدت الى اهل الشركة نفسها.. هل يبلطون المنطقة كلها ويتركون نصف مسافة الزقاق بلا تبليط؟. ام  يبلطون الزقاق على علاته الكهربائية؟. مهندس القضية اخبرنا انهم طرحوا على انفسهم هذا السؤال الاستراتيجي   ومن ثم فاتحوا  وزارة الكهرباء من جهة وامانة بغداد من جهة ثانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية من جهة ثالثة ان كانت احداها تتكرم وتقلع هذا العمود لتعيد  نصبه مثل اخوانه باقي الاعمدة خلف الرصيف؟ 
الاجابة تاخرت كالعادة من قبل الوزارة التي ظهر ان بعض اعمدتها مقدسة مثل عمود قضاء الرميثة في السماوة. الامانة لم تجب هي الاخرى. فقط  الوكالة الدولية  ابلغت الشركة انها سوف ترسل فريقا من المفتشين الدوليين للتحقق من الامر لكن بعد الانتهاء من قصة الملف النووي الايراني  خصوصا  بعد المصافحة مابعد التاريخية بين اوباما وحسن روحاني. الشركة وجدت  ان لاتسمح بتدويل القضية وبعد ان  "اهتزت شوارب" بعض العاملين فيها اتخذت قرارا تاريخيا بتبليط  الزقاق مع العمود بحيث يبقى العمود شاخصا وسط الشارع و"ليخسا الخاسئون". 
المثل يقول رب ضارة نافعة. ولان عمود كهرباء زقاقنا يحمل نفس مواصفات عمود الكهرباء الذي ظهر انه "يشور" ويشفي الامراض "شرط ان تكون مستعصية" و"يحبل" النسوان "شرط ان يتعدى عمرها التسعين" في قضاء الرميثة بالسماوة فاننا ومن باب التبرك به قررنا تحويله الى مزار. ومع احترامنا لعمود           المثنى ابن حارثة الشيباني وقدراته الخارقة في شفاء الامراض وتحبيل النساء وجلب الرزق فان عمودنا يختلف جذريا عن كل اعمدة الكهرباء في العالم.  هل رايتم عمود كهرباء وسط الشارع ياوزارة الكهرباء المقدسة؟  انا واثق ان الدائرة الوحيدة التي سوف تجيبنا عن هذا السؤال هي .. اليونيسيف.