توابيت الوطن المفجوع |
سلسلة من الانفجارت تهز مناطق مختلفة من بغداد , صارخبر يومي يتناقل بين المواطن والاعلام الداخلي والخارجي , بدون اهتمام وعناية , فقد بريقه ونكهته , ولم يعد يغري احد , فقد اضحى ظاهرة يومية , تعيش مع المواطن , الذي يجابه القتل العشوائي والموت المجاني . من الوحوش والذئاب السائبة المتعطشة الى سفك المزيد من الدماء , فقد سيطرت هذه البهائم الحيوانية , التي جاءت من كهوف الظلام ,على كل مرافق الحياة اليومية بسيطرة تامة , وتتجول بكل حرية وهي تزرع الموت لسكان بغداد , ولم يعد للمواطن المثخن بالجراح ملجأ او مأوئ , ينجيه وينقذه من الموت المحتم , انها حرب شعواء لابادة سكان بغداد عامة . لذا صارت توابيت ومواكب الجنائز , مشاهد يومية مألوفة , ولاغرابة في كل حارة وشارع موكب للحزن والعزاء والبكاء , وصرخات استغاثة تذهب في ادراج الرياح , دون رد فعل مجيب ( يا معتصماه . يامالكي مختار العصر والحظ المنحوس ) فلا صدى ولا دق الحصون وصرير السيوف , كأن رجال الدولة والحكومة فقدوا شرفهم وعذريتهم , وصار المواطن يندب حظه العاثر , الذي اوجده في هذه الارض , التي تحولت في زمن اشباه الرجال , الى ارض ملعونة بالكوارث , وماكنة الموت تعمل باقصى طاقتها , طالما ظلت المنطقة الخضراء المحصنة , تتمتع بالرغد والامان والاستقرار والحياة الزاهية بمفاتنها الجميلة , فان من يعيش خارج منطقتهم لايعنيهم لامن قريب ولا من بعيد , وطالما ظل الكرسي والمال الحرام يحدد ابعاد مسؤولياتهم وقيمهم واخلاقهم وضميرهم الذي مات ودفن , في مرافقهم الصحية , وبيع شرفهم في سوق النخاسة . لذلك حولوا الشعب الى دمية تتقاذفها احذيتهم , ووضعوه في شرنقة الطائفية , واغلقوا الابواب والمنافذ , ليعيش حياة الذل والمهانة , والخشوع الى اصحاب الجاه والمقام العظيم , وهم يقودون العراق الى الجحيم والمجهول والخراب , طالما ظلت ارصدتهم المالية تزين بروعتها الجميلة البنوك العربية والاجنبية , من سرقة خبز الفقير , وصار مسؤولي الحكومة زعماء لمختلف المافيات , في النهب والسلب , وعمليات غسيل الاموال , صاروا محترفين بابداع ومهارة , في اللصوصية والتزوير والاحتيال , وارتدى ثوب الدين والتقوى زورا وبهتانا , وصاروا تجار وسماسرة العهر السياسي , ولم يعد لهم ضمير وكرامة , والشعب يقتل كل يوم , دون ان تصدر منهم , حتى كلمة مؤاساة مزيفة , كلمة اعتذار خجولة , كلمة معسولة بدون رصيد , ان قلوبهم تحولت الى حجر, لقد فقدوا بصرهم وبصيرتهم بالجنة الجديدة , بالمليارات المسروقة , انتزعت منهم المناصب والكراسي شرفهم واخلاقهم وقيمهم , وصاروا طاعون وشر ومصيبة للعراق . يجب عدم الاستسلام الذليل للموت , يجب ان ينتفض الشعب قبل ان يطاله الموت القادم , يجب اعلى صوت الرفض العارم لطرد هذه الحشرات المسمومة , يجب ان يعلو صوت الشعب على جميع الاصوات , من اجل الحياة وابعاد اشباح الموت , لم يعد وسيلة وهدف , ترك العراق غنيمة سهلة لصعاليك السياسة. |