"ملائكة" حزب الدعوة

 

 

 

 

 

 

مطلوب منا جميعا أن نصمت ونكتفي بمتعة المشاهدة، وإذا تكلمنا فليكن " الهتاف " لكل شيء يصدر عن المالكي ومقربيه وأعضاء حزبه، وإلا فجماعة بالروح بالدم جاهزون للتصرف، بشتائم واتهامات بالخيانة وصراخ عن الأجندات الخارجية، لدرجة تميتك من الضحك! 
في الأيام الماضية قرأنا وسمعنا تعليقات لعدد من قيادات حزب الدعوة تندد وتشتم كل من تسوّل له نفسة الاقتراب من قلاع الحزب الحصينة، وبدلا من أن يناقش قياديو الحزب ما يجري من خراب في البلاد بسبب سياسة الرأي الواحد وجدنا " ملائكة " الحزب يقيمون الدنيا ويقعدونها لأن البعض من " الخارجين على القانون " و" أصحاب الأجندات الخارجية " تجرأوا ووجّهوا نقدا لأدائهم السياسي، بل ذهب الأمر بأمين عام الحزب نوري المالكي أن يصف المعترضين على أدائه السياسي بـ " المنحرفين ".
لقد قامت قيامة حزب الدعوة لأن البعض تجرّأ وطالب من دهاقنة الحزب وحراس معبده، الحفاظ على النسيج الاجتماعي لهذه البلاد وعدم الذهاب بها إلى طريق مجهول.. وأن يحكّموا عقولهم ويعملوا من أجل العراق لا من أجل مصالحهم الضيقة، التي تدفعهم أحيانا إلى التضحية بالوطن في سبيل الحفاظ على كرسي بشار الأسد، وذرف الدموع من اجل متظاهر في البحرين تعرض للاعتقال.. في الوقت نفسه يشتمون كل من تسوّل له نفسة الخروج في تظاهرة تندد بسرقات فلاح السوداني، وبالفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة، وبالفشل الأمني الذي تحول إلى كابوس يحاصر العراقيين ليل نهار.
لم يكن العراقيون يتصورون أن تضحياتهم الخلاص من دكتاتورية "الحزب الواحد " يمكن أن تنتهي إلى دكتاتورية جديدة اسمها "حزب الدعوة " ولم نكن نحن المساكين نعلم أن حالة الهلع يمكن أن تصيب ملائكة حزب الدعوة لمجرد رأي يطرح على الملأ أو تصريح تلفزيوني يسلط الضوء على الإخفاقات المتلاحقة في إدارة الدولة، فيما لم يرف لهؤلاء الملائكة جفن وهم يرون البلاد في طريقها إلى الهاوية بسبب تعنت الأمين العام للحزب وإصراره على رفع شعار "ما ننطيها". 
السادة "الملائكة" يهمنا أن نعرف روايتكم حول ما يجري في البلاد التي تحصلون فيها على كل المزايا والعطايا، ولماذا تصرون على ان يبقى هذا الشعب مطيعا، خافضًا الرأس، نائمًا في بيته، مستسلمًا لكل خطاب كاذب ومراوغ؟..
عندما يقول رئيس مجلس وزراء العراق البلد المتعدد الأطياف والثقافات إن الإسلاميين فقط هم من كانوا أكثر تضحية وصلابة في مواجهة الدكتاتورية، فإنه بالتأكيد يحتاج إلى مستشارين من حزبه ثقات وذوي خبرة ودراية يرافقونه باستمرار كي يشيروا عليه بما يقال وبما لا يقال، والأهم كيف يمكن أن تقال الأشياء.
عندما يقول الرجل الأول في السلطة التنفيذية عن المختلفين معه بالرأي بأنهم " ساقطين " فأغلب الظن أنه يتصور نفسه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ هذا الشعب من الضلالة والجاهلية والانحراف، عندما يعتقد رئيس الوزراء أن بناء الدولة لا يتم إلا في التخلص من كل المختلفين معه في الرأي والمنهج، وليس في نبذ السراق والمفسدين وأمراء الطوائف، فعلينا جميعا أن نشعر بالخوف على مستقبل البلاد، لأن من يقول هذا الكلام اليوم فربما غدا يحوله إلى تشريعات تقضي برجم كل المعارضة في الساحات العامة، تيمنا بما يفعله هذه الأيام الرئيس المؤمن عمر البشير. 
أفهم أن يتحدث المالكي باعتباره أمينا عاما لحزب إسلامي قدم أعضاؤه تضحيات في سبيل التخلص من الدكتاتورية، ولكن الذي لا أفهمه أن يتصور أنه وحده الذي ضحى ووحده الذي انتصر في معركة التخلص من الطغيان.. 
أيها الملائكة "المتجهمون".. لماذا تريدون الاستئثار بالسلطة إلى أبد الآبدين؟ 
عندما يدمر أمينكم العام مؤسسات الدولة، بدلا من تطويرها على أسس ديمقراطية.. فهو يهين الدماء والأرواح التي قدمها العراقيون على مدى عقود طويلة من أجل أن يتنفس أبناؤهم هواء الديمقراطية الحقة.