"ساقط " بالانتخابات

 

مراكز الاستطلاع المختصة بالكشف عن توجهات الناخبين في العراق، تكاد تكون معدومة في العراق ، وان وجدت فنشاطها محدود ، وأصحاب التخصص بإجراء الاستطلاعات لهم معاييرهم ووسائلهم في الوصول الى النتائج ، ولكنهم يشكون قلة الإقبال على خدماتهم من قبل القوى السياسية ، خشية إصابتها بفاجعة عندما تعرف حجم قاعدتها الشعبية على ارض الواقع . 
مع قرب العد التنازلي لإجراء الانتخابات التشريعية في العام المقبل ، وعلى الرغم من انشغال جميع القوى بهذا "الحدث المصيري " لم تعلن جهة سياسية حتى الآن رغبتها في تكليف مركز متخصص لإجراء استفتاء ، وفي ضوء نتائجه تضع خطط عملها لحصد المزيد من الأصوات ، وجهودها في هذا المضمار اقتصر على توجيه الدعوات للجمهور لحضور ندوات ، ومحاضرات قادتها السياسيين ، تنتهي بترديد الأهازيج والهوسات "واحنا جنودك بالكلفات اسمع يالقايد" عندما يتم التأكد بان الحاضرين "ثابتون على العهد" وسيدلون مع نسائهم وأبنائهم بأصواتهم لصالح القائمة الانتخابية الفلانية . 
قبل إجراء انتخابات عام 2010 كشف قيادي في حزب ديني، وأثناء لقاء بممثلي قاعدته الشعبية في محافظة بابل ان حزبه سيحقق أغلبية مريحة في مجلس النواب ، ودليله في ذلك انه استخدم مسبحته ذات "101" خرزة ، وأخبرته بان الفوز العظيم سيكون لصالحهم ، فزف بشرى الانتصار للحاضرين ، وقدم لهم التهاني لان الحكومة ستعمل على تحقيق أحلام الفقراء والمظلومين وستنقلهم خلال اربع سنوات الى مصاف الشعوب المتقدمة ، وسيكون دخل الفرد العراقي هو الأعلى في العالم ، وبعد مرور فاصل زمني طويل من عمر الحكومة الحالية ، فشلت مسبحة القيادي في الكشف عن مظاهر التراجع الأمني واستشراء الفساد ، وتناسل الأزمات ، وتعثر تقديم الخدمات ، حتى وصل الحال الى اندلاع تظاهرات احتجاجية عبر فيها الناخبون عن ندمهم على الإدلاء بأصواتهم لصالح قائمة" القيادي أبو السبحة " وبطانته من أبناء القائمة المغلقة . 
ينسب لاحد باعة المسبحات والخرز والأحجار الكريمة في منطقة الكاظمية، بانه يمتلك القدرة على قراءة الغيب ، ومعرفة مستقبل الشخصيات السياسية ، والرجل البالغ من العمر اكثر من ستين عاما ، يقدم خدماته مجانا لمن يرغب في استشارته بقضايا البيع والشراء والسفر والارتباط ببنت الحلال ومعرفة نتيجة الامتحانات ، واحيانا يرد على اسئلة تتعلق بأمور اخرى ، يشترط ان يكون تداولها محدوداً جداً ، ومنها قائمة بأسماء ابرز "الساقطين " على حد قوله في الانتخابات المقبلة ، و الساقط بنظره الفاشل في الحصول على أصوات تؤهله للحصول او الاحتفاظ بمقعده في مجلس النواب المقبل .وحاول المقربون من بائع المسبحات إقناعه بكشف القائمة ، مقابل ثمن، لكنه رفض كل العروض لتفادي إمكانية تعرضه لعواقب وخيمة ، واحتمال ان يثير غضب احد "الساقطين" بالانتخابات ، فيلجأ الى القضاء وتصدر مذكرة قبض بحق أبو السبح بتهمة الإساءة للرموز الوطنية .