عندما يتشاجر الطباخون

 

تقول حكمةٌ صينية : ( عندما يتشاجر الطباخون ، يحترق الأكل ) . 
ويا لها من حِكمة .. يلتهي الطباخون بالتعارك فيما بينهم ، فيتبادلون التُهَم ، ويقذفون على بعضهم ، السكاكين والملاعق ، ويسكبون الزيت والرُز .. ويُحّولون المطبخ الى فوضى عارمة ويختلط الحابل بالنابل .. ويتزحلق المُساعدون وتنكسر رقابهم .. ومن الطبيعي وسط هذه الجلبة ، ان تُشَم رائحة " الشعواط " ويحترق الأكل .. فيُحرَم الجوعى من وجبتهم ، التي طالما إنتظروها ! .
ما أشبَه ذاك المطبخ ، بالعراق .. وما أشبه حُكامنا وطبقتنا السياسية الحاكمة ، بهؤلاء الطباخين الأنذال ! . فعشرةُ سنواتٍ مّرتْ .. وما زال الطباخون يتشاجرون ويتعاركون ويتصارعون ويتنافسون .. ليسَ على : أي منهم يطبخ أفضل ، وليسَ على أيهم أشطر وأكثر إخلاصاً ، وليس على أيٍ يُقّدم الخدمة الجيدة أسرع ، للزبائن .. بل ان كُل عراكهم ، من أجل نهب مخازن المطبخ وسرقة محتوياته والسيطرة على أركانه .. وخلافاتهم هي ، على حصص المنهوبات والمسروقات ليسَ إلا ! .
- تقول حكمة صينية أخرى : ( من السهل إختيار ألف جندي ، لكن من الصعب إيجاد جنرال ) .
ويالها من حكمةٍ أيضاً .. فلو أسقَطناها على بلدنا العراق .. لوجدناها تنطبق تماماً . فببيانٍ واحدٍ من القيادة الحمقاء .. كانَ يُساق عشرات الآلاف من الشباب الى الخدمة العسكرية الإجبارية ، بين شهرٍ وآخَر ، فيُزّجون في حروبٍ عبثية مُجرمة .. تحت قيادة " جنرالات " أغبياء مثل علي المجيد وعزت الدوري وطه رمضان .. الخ .. وكلهم يأتمرون بأمر الأحمق الأكبر ! . فيصبح هؤلاء الجنود المساكين ، طُعماً لتلك المغامرات البائسة .. فيُقتَلون ويُعوَقون ويُأسَرون .
وحتى في العراق بعد 2003 ، الحالة باتتْ أتعس وأكثر إيلاماً .. فإذا كان " جنرالاتنا " المزيَفون ، في السابق ، يُوزعون حروبهم ومعاركهم الحمقاء ، على الداخل " ضد الشعب " وعلى الخارج " ضد دول الجوار " .. فاليوم ، يكتفي " القائد العام للقوات المُسلحة " ، وتحت ذريعة مُحاربة الإرهاب والوقوف بوجه المؤامرات المختلفة .. يكتفي بإلقاء الخُطَب المُمِلة والمُكَرَرة .. فلأكثر من سبع سنوات " مع وجود أكثر من مليون جندي وشرطي وكُلهم متطوعون ، وصرف مئات المليارات من الدولارات " .. فشلَ فشلاً ذريعاً ، في توفير الأمن والأمان .. وعجز عن حماية أرواح وممتلكات المواطنين .. ولم يستطع تأمين الحدود في كافة الإتجاهات .. مُعتمداً على " جنرالات " حمقى ، مثل " عدنان الأسدي " و " سعدون الدليمي " و " عبود قنبر " ...الخ ، الذين يأتمرون بأمر قائدٍ عام ، لاعلاقة له بالعلوم العسكرية والأمنية ، وذو نزعةٍ طائفية ، لايعتمد على مُستشارين أكفاء مُخلصين ! . حتى أصبح العيش في بغداد والعديد من المحافظات ، لايُطاق ، وسط الإنفجارات اليومية والعنف المجاني . فعندنا آلاف الجنود ، حقاً .. لكننا نفتقد الى جنرال حقيقي .
.........................
يقول " كونفوشيوس " : ( الرجل العاقل ، لايمدح الناس على أقوالهم ، بل على أفعالهم ) .
ويقول " نيتشة " : ( لستُ مُنزعِجاً لأنك كذبتَ عليَ اليوم .. لكنني مُنزعج لأنني ، لن أصّدِقكَ من الآن فصاعداً ) .
كُل الإعلام الحكومي والحزبي ، وكل التطبيل والتزمير ، الذي تُمارسهُ أجهزة الأحزاب الحاكمة في بغداد .. لن تنفع بعد الآن .. في تلميع وتجميل وجه الطبقة الحاكمة الفاسدة .. والعُقلاء الذين لن يُصّدقوا ، من الآن وصاعداً .. في تزايُدٍ مُستمر .