في انتظار" الجنرال حسن السنيد "

 

 

 

 

 

 

رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية "الجنرال" حسن السنيد يبدو مصمماً على المضي قدما في "تسميم" حياتنا بكل ما أوتي من قوة ووسائل مشروعة وغير مشروعة، وطرق مستقيمة وملتوية ليحرق ما تبقى من مساحات الصدق في نفوسنا.
الجنرال حسن السنيد الذي يحمل لقب "مقرّب جدا " من رئيس مجلس الوزراء ، لم ير في الكوارث الأمنية ، والإرهاب الذي يحاصر الناس في بيوتهم وأماكن عملهم أي مؤشر على أن الوضع يدعوا للقلق...ففي تصريح ذكرنا بعبارة الكاتب العبثي صاموئيل بيكت في مسرحيته الشهيرة في انتظار غودو " لا أحد يجيء ..لا شيء، يحدث..ولا أحد يرحل " أكد السنيد " أن العراق أكثر منطقة مستقرة نسبياً... تحدث انفجارات ولا يحدث شيء وتظاهرات تخرج منذ أشهر ولا يحدث شيء، والناصرية تشهد تظاهرة ولا يحدث شيء "..، ووفقاً لمسرحية " بيكت العراقي " فقد افرحنا السيد النائب حين قال انه لا يقصد من هذا التصريح الاستهزاء بدم المواطن العراقي، لكن أحب ان أقول هناك استقرارنسبي أساسه العملية السياسية التي ترسخت بعقول العراقيين.
وبعيدا عن أن مثل هذه الأحاديث الكوميدية لن تصمد أمام أول مناقشة جادة حول فشل القوات الأمنية ، وبصرف النظر عن أن تفاصيل مثل هذه الأحاديث تعج دوما بكلمات أشبه بداء "التأتأة " الذي أصاب معظم سياسيينا، بعيدا عن كل ذلك ،فالناس تدرك أن هناك حالة مستعصية من العوق السياسي وتعطل حواس أصابت البعض من السادة النواب .
كنت أتصور أن ألف باء السياسة أن يخفف رجال دولة القانون من جرعات "الأسى والغم" ويحاولون سد ثقوب الكآبة التي تحاصر العراقيين، العمل على إزالة أعراض الاحتقان عند الناس وصد موجات السخط العام. 
في كل مرة أقرأ فيها تصريحا لأحد المقربين من رئيس مجلس الوزراء أتساءل ما الفائدة التي تعود على العراقيين من تصريحات وبيانات تسعى إلى تفخيخ المشهد السياسي بأكمله حين يصر أصحابها على أنهم وحدهم يملكون الحقيقة ؟، بالتأكيد كل الذين يشاركون في معركة " ماننطيها " يدركون جيدا أن شيئا ما سينفجر في وجوه الجميع، ليأخذ البلاد إلى حلقة جديدة في مسلسل الخراب الذي لا تنتهي حلقاته.
كنت أتصور أن أحدا من مهندسي الأمن في العراق ، سينتبه إلى أن الفترة الراهنة والمقبلة لا تتحمل مزيدا من مضاعفة حالة السخط العام على الأوضاع القائمة، أو يدرك بدون جهد كثير أن إصرار المقربين على الاستمرار في هذه المسرحية الهزلية لن يجدي نفعاً، غير أن الإصرار على هكذا نوعية من المهازل يثبت مرة أخرى أن البعض من السادة النواب لا يضع الشعب في حسبانه أصلا، وربما يعتبره غير موجود، فها هي نفس الأصوات التي أضحكت علينا العالم في الكثير من المواقف، تتصدر الساحة لتطلق صيحات الغضب ضد كل من تسول له نفسه الاقتراب من الملف الأمني . . 
للأسف وسط كل هذا الخراب السياسي يستكثر فريق المقربين على الناس أن يكون لهم راي يعبر عن طموحاتهم، وليست معارضة مفبركة مثل التي نشاهدها كل يوم من على شاشة التلفزيون، والتي لو استمرت فإنها ستهدد الحياة السياسية بالانقراض، 
اليوم ، "الجنرال" السنيد يريد منا ان نصدّق ان هناك استقراراً امنياً وان لا شيء سيحدث ولن يحدث ، وفصَّل لنا الحاضر والمستقبل متحصنا بعلاقات متميزة مع القائد العام للقوات المسلحة ...
فيلم " في انتظار السنيد " لم ينته بعد لأنه أظهر لنا أن أنصار دولة الاستبداد على أساس "الزعيم الأوحد" أكثر مما نتوقع، وظهر أيضا أن أساطير السادة المسؤولين عن أنفسهم تجاوزت الحد المعقول ، وان مفهوم السيطرة على البلاد والعباد ، سيكون بديلا لمشروع الإصلاح وتقديم الخدمات، وأن حل مشاكل العراق يكمن في إيهام الناس، انه ليس في الإمكان احسن مما كان ، وان جميع قادة ائتلاف دولة القانون يريدون لنا ان نعيش عصر استعراض الخطب والشعارات ، لانهم يعتقدون أنّ التغيير الذي حصل عام ، قام من اجل إعادة تسويق عبارة غوبلز الشهيرة ..اكذب .. اكذب حتى يصدقك الناس .