غلق البغدادية: أراد أن يكحلها فأعماها |
قبل أيام، أغلقت قوات وزارة الداخلية مكاتب البغدادية "لمخالفتها ضوابط البث والإرسال". ويبدو أن هيئة الاعلام والاتصالات تذكرت مخالفات البغدادية بعد أن بدأت تبث آراء مناهضة للمالكي. واضح ان قرار الغلق أتى من المالكي في عدة مستويات. فهيئة الاعلام والاتصالات مقربة منه، وكان هو هدف تعليقات ووجهات نظر بُثت على البغدادية، وهو أيضا وزير الداخلية الذي أغلقت قواته مكاتب القناة. أيا كان من أشار على رئيس الوزراء بغلق البغدادية ينبغي إقالته. لكن من الأرجح جدا ان يكون هو من أشار على نفسه بذلك وأضاف ازمة جديدة إلى قائمة طويلة من الازمات التي هو طرف فيها. الأمر غاية في الخطورة، ويضيف سببا جديدا لأسباب عجزه عن قيادة العراق. فالقرار يفتقد الى اساسيات الحنكة والحس السليم التي يجب أن تتوافر لدى القائد. لن اخوض في قضية الحق في حرية التعبير او حق المواطن في الحصول على المعلومة لأنه اساسا غير مؤمن بهذه "المفاهيم الاجنبية التي لا تصلح للعراق". الطريقة المثلى لكي يعرف دولة الرئيس ما فعل هو سؤال نفسه: ما الذي حققه من غلق مكاتب القناة. إليكم الاجابة: امتلأت صفحات الاعلام الاجتماعي بتعليقات مؤيدة للبغدادية ومزيد من التعليقات ضد المالكي. ولعلم رئيس الوزراء ومستشاريه فإن عدد مشتركي "فيسبوك" العراقيين هو حوالي مليونين ونصف المليون. ارتفع عدد مشاهدي البغدادية بسبب القرار والكثيرون شاهدوا تغطية القناة لقرار المالكي بغلقها. والسؤال هنا هل فكر أو لاحظ ان معظم بث البغدادية كان مخصصا لمهاجمة القرار واثبات مدى خطأه؟ بالمقابل، لا يتوفر للمالكي قناة بقوة البغدادية تتولى باستمرار توضيح سبب غلقه للقناة للجمهور. لذا فقد فتح في الواقع الباب لسيل من التعليقات والآراء المضادة له. فهو لا يمتلك القدرة ولا الفريق المناسب للرد على كل تعليق وكل من يتحدث ضده. فمنذ غلقها، صارت البغدادية هي القناة التي نشاهدها معظم الوقت. اذا كان رئيس الوزراء يحاول حرمان البغدادية من ميزة التغطية المباشرة الميدانية من داخل العراق، فهو يعيش حقا في العصر الحجري. لأنه بامكان اي شخص عنده موبايل، وكاميرا واتصال بالانترنت أن يصبح مراسلا للبغدادية. واذا كان يحاول غلق مكاتبهم، فكل بيت عراقي لديه امكانية ان يكون مكتبا للبغدادية. بعبارة اخرى، في عصر الاعلام الاجتماعي هذا، والاعلام الجديد والتكنولوجيا المتقدمة، فان غلق البغدادية مثل النعامة التي تضع رأسها في الرمال. فما فشل في رؤيته هو انه حتى لو كانت البغدادية سيئة، وهي ليست كذلك، فكان عليه ان يثبت للجمهور سوءها. وبالطبع فإن قرار غلق القناة لن يكون له أي قيمة في إقليم كردستان، وهذا سيعطي الاقليم نقطة اخرى على بغداد. فتغطية القناة لشؤون كردستان ستزداد وسيكون المالكي غائبا منها. الخلاصة، قرار غلق القناة يبين بوضوح افتقاد المالكي لأساسيات الحسابات في اتخاذ القرارات؛ لأنه واضح أنه ألحق الضرر بنفسه أكثر من أي شخص آخر بتخبطه الجديد هذا. وكما يقول المثل أراد أن يكحلها فأعماها. |