يسجل التاريخ ظلماً استثناياً تعرض له الشيعة عبر اكثر من الف عام ، وربما يتعادل ابناء العراق في معدلات الظلم في بعض المفاصل الزمنية ، لكن حظوظ الشعية عادة ماتأتي بتناسب طردي مع أعدادهم وتضخم ذاكرتهم البكائية الحزينة . العصر الحديث وتحديدا في الخمسين سنة الأخيرة ، وبإستثناء حكم عبد الكريم قاسم الذي أسكنهم في دور ، وأمنهم من خوف واسترهم من جوع ،فأن ماتبقى هي سنوات للموت والتهجير والتقتيل..! وضعتهم الأحزاب الثورية بضائع بشرية مخزونة في السجون أو مقابر الثوار ، ثم استلمهم صدام ليطعم بهم حروبه الظالمة المستهترة فصاروا شهداء رغم انوفهم ، وبعدها أخذهم للحصار للبحث في دول الشتات عن خبزة كريمة تستر ماتبقى من الشرف ..! لم يتنازل عنهم الفقر في كل تلك الظروف، ولم يفارقهم النداء الخفي بمجيء المخلص من الوجع المتراكم وهذا الأنين الأبدي ..؟ في لحظة توهموّا ، توهمنا بأن السراب ماء حين جاءنا الخلاص عبر البساطيل الأمريكية ، ظنّ الكبار ان الرّب قد انصف عبادة المستضعفين في هذا القدر الخيالي ..! وعشر سنوات كانت موعداً تاريخيا مع الحداثة في القتل والحرائق وسجلات الأشلاء حتى لم يعد للحزن منزل ، فقد حل الكفر والجنون والجحيم واصبح الحلم يهفو لماض يتشهى الظلم ..! الموت والهتك والفرار والتغريب والتهجير والأوبئة وتجارب التفجيرات والطرد والإذلال والإملاق واليأس والمقابر كلها كانت تفصّل على مقاسات الشيعة بنحو خاص ..! ثأرت منهم الأحزاب الزاحفة للسلطة تحت حراسة البسطال الأمريكي، فقتلت بروح انتقامية المئات من الشيعة البعثيين ، وتعرض بعضهم الآخر الى التسليب او انتابهم المرض أو التهجير او تغيير الأسم والهوية ، علما ان البعثيين في المحافظات الكوردية او الغربية شملتهم الرعاية والتكافل ووجدوا انفسهم معززين مكرمين ..! فأنظروا لظلم الشيعة ..! ثم جاءت حكومة التوافه اقصد التوافق الطائفية لتنبذ كل شيعي وطني حر لايقبل الفساد والظلم والذل والجريمة ، ولتترك المدن الشيعية مستباحة لمزيد من الفقر ورصاص الميليشيات وعصابات الجريمة وأمراء الظلم والظلام . انتشرت الأحزاب والبنادق والعصابات وآلهة القرار والفتوى ، وغاب القانون واختفت المدرسة وأُهين العلم وتراجعت الأخلاق وهربت الأغاني والموسيقى وجاء الكاتم ، وتسلّم السلطة حفنة من مزورين ولصوص ومحترفي الكذب والبذاءة ..! كلها سكاكين تمشي على الجسد الشيعي ..! لاأستثني بقية العراقيين من مجازر الإرهاب وفساد الحكومة وجرائم المحتل الأمريكي ، لكن ضحايا الشيعة في يوم تعادل سنة من ضحايا شركائهم بالفجيعة من السنة والكورد والتركمان والمسيحيين والصابئة والأيزيدية..! بعد عشر سنوات من التغيير و700مليار دور أمريكي ، فأن الشيعة هم الأكثر نصيباً من الفقر والفاقة والموت في العراق ..! الظلم الحديث للشيعة يتضاعف عن ظلم الماضي،لأنهم خسروا السمعة العظيمة والتاريخ المجيد وشرفية الإنتساب للإمام العظيم علي بن ابي طالب (ع)..، منجزات معنوية مبهرة ومضيئة عمرها 1400 عام أهدرتها في عشر سنوات رغبات سلطوية فاسدة تحمل أسم الشيعة زورا وبهتانا ..!
|