معظم الأحزاب والقوى السياسية العاملة حاليا في الساحة العراقية اعتمدت الديمقراطية في تنظيماتها الداخلية بطريقتها الخاصة ، فحصل أمينها العام على "سر قفلية" القيادة وليس من المستبعد أن ينتقل المنصب بالوراثة إلى شخص آخر فيصبح الحزب أو التنظيم لصاحبه المناضل فلان أبو سترة "السيراوين" لأنها رمز الأفندية منذ أن تخلى العراقيون عن الأزياء السابقة الصاية والزبون والدشاديش والشراويل والعكل والجراويات ، واستخدوا البدلات و السيدارة الفيصلية لتقليد المظاهر الغربية . مطلع عام الفين وخمسة اعلن رئيس حركة سياسية معارضة للنظام السابق قرب عقد مؤتمر لانتخاب أمين عام حركته وأعضاء المكتب السياسي ، واكد في حديث لمراسل صحيفة أميركية ، انه يرغب في أن يتولى الشباب قيادة التنظيم ، أما هو فسوف يتخلى عن العمل السياسي ويتفرغ لكتابة مذكراته لكشف محطات مهمة في حياته النضالية ، ليطلع عليها الجيل الجديد بوصفها دروسا مهمة في الكفاح ومقارعة النظام الديكتاتوري لتحقيق النظام الديمقراطي الزعيم السياسي أبو "السترة سيراوين" مازال محتفظا بمنصبه أمينا عاما لحركته ، وقبل أيام ذكره احد الاعلاميين بتصريحه السابق ، فأجاب بانه قرر الاستجابة لرغبة الجماهير في أن يتولى قيادة التنظيم في هذه المرحلة العصيبة الحرجة لحين توطيد الديمقراطية ، وكأنه يريد القول والتعبير عن رفضه في تسليم التنظيم إلى مجموعة من "الزعاطيط " تجهل أولويات العمل السياسي، ومن حق الرجل أن يتشبث بالمنصب الحزبي ، لان غيره توفرت له فرصة تولي منصب في الدولة لمدة ستة اشهر فكتب مذكراته عن تجربته في الحكم ، ليقدم دروسا ونصائح وارشادات لجميع الرؤساء في العالم عن كيفية تحقيق العدل والمساواة ، والتنمية الاقتصادية والبشرية وفلسفته في بناء دولة حديثة . بعد الاحتلال الأميركي ، عادت الأحزاب العراقية المعروفة بتاريخها العريق لممارسة عملها في الداخل ، وشهدت الساحة السياسية تأسيس واستحداث مئات التنظيمات بعقد مؤتمر لانتخاب الرئيس أو الأمين العام ، تعقبه وليمة غداء يشارك فيها القادة المؤسسون حفظهم الله والأعضاء والمؤيدون ، وبالاعتماد على التمويل والدعم المالي مجهول المصدر ، يتم إصدار جريدة تخصص لنشر نشاطات الأمين العام وصوره ، وبعد صدور أقل من عشرة أعداد ، ونتيجة فشل الحزب في الحصول على مقعد في البرلمان ، يغلق "الكبنك" وينتهي المطاف برئيسه وقيادييه أما وسطاء لشركات أجنبية للحصول على عقد استثمارية ، أو تأسيس منظمة مجتمع مدني تابعة لحزب متنفذ فيحالفهم التوفيق في ارتداء "السترة سيرواين" ويبدو احدهم بصورة ذلك المطرب الذي يؤدي أغنية ريفية وهو يرتدي بدلة سيراوين وياخاتها أذن الفيل موديل سبعينات القرن الماضي ، وقصة الأغنية تتناول مأساة مسيعد ومعاناته من فشله في الظفر بحبيبته التي أجبرت على الزواج من غيره بأسلوب كصة بكصة. الأحزاب الجديدة قد تكون غير معنية بالتمسك بالتقاليد الديمقراطية ، لأنها قليلة الخبرة بالمعترك السياسي ، وتقع على الكبيرة مسؤولية ترسيخ تلك التقاليد ، أما اذا تقصدت تجاهل هذا التوجه ، فإنها تعطي صورة واضحة ثلاثية الأبعاد لترسيخ ما يعرف بالقائد الرمز ، صاحب السترة السيراوين ، ذو الاستعداد للتنازل عن منصبه الحزبي مقابل الآخر الرسمي كصة بكصة .
|