العراق ينهي 2012 متصدراً فساد وضحايا العالم وعاصمته الأسوأ في المعيشة والخدمات

بغداد - مع اقتراب العراق من سنته العاشرة على اسقاط نظامه السابق تظهر دراسات واستبيانات دولية مستقلة أن العراق لم يزل في ادنى مراحل التقدم والتطور، ويعاني من تدهور الخدمات، فيما بقيت نسب قتلى العنف المسلح ومعدلات الفساد الاعلى.

وفي احدث تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، احتل العراق مكان الصدارة مع كل من الصومال والسودان في معدلات الفساد، اذ لم يتفوق عليه في معدلات الفساد سوى البلدين المذكورين بحسب التقرير الذي اوضح، ان "الصومال احتل ذيل القائمة بصفته أكثر الدول فسادا حيث قبع في المركز رقم 174، بحصوله على 8 درجات فقط، أي أنه أكثر دول العالم فسادا، ثم تلاه السودان الذي احتل المركز 173، و8 درجات، وتبعهما العراق الذي تمركز في الموقع 169، وحصل على 18 درجة".

ويضيف التقرير، ان "كلا من قطر والإمارات جاءت بالمركز 27، وحصل كل منهما على 68 درجة، وهذا يضعهما على رأس قائمة الدول العربية الأقل فسادا"، فيما احتلت الدنمارك وفنلندا والسويد مكانة أقل الدول فسادا في العالم.

وفي الوقت الذي اكدت فيه منظمة الشفافية الدولية؛ على أن ثمة ربطا بين الفقر، والصراع، وانتشار مستويات الفساد، فانها طالبت الحكومات بـ"تبني الإجراءات المناهضة للفساد عند اتخاذ قراراتها جميعا".

وكان المفتش الأمريكي العام حول العراق، ستيوارت بوين، قد اكد في تقريره ربع السنوي، الذي نشر مؤخرا، على إن "العراق شهد عاما مليئا بالمصاعب بعد مرور عام على انسحاب القوات الأمريكية منه، بدليل عودة العنف وانتشار الفساد الرسمي ثم حالة الخوف والترقب مما سيؤول إليه الوضع في سوريا".

ويوضح التقرير ان "معدل العنف في الربع الثالث من هذا العام المنتهي بشهر أيلول الماضي، ارتفع إلى مستويات لم يشهدها البلد لأكثر من عامين، إذ قتل ما لا يقل عن 854 مواطنا عراقيا في حين جرح أكثر من 1640 شخصا في أعمال العنف، وفي شهر أيلول وحده، بلغ عدد ضحايا العنف، بين قتيل وجريح، 1048 شخصا، وهو الشهر الأكثر دموية منذ عام 2010".

وتظهر دراسة أعدها معهد الاقتصاد والسلام العالمي أن ثلث ضحايا الإرهاب في العالم منذ هجمات 11 أيلول 2001 هم من العراقيين.

وتشير الدراسة، التي تحمل عنوان "المؤشر العالمي للإرهاب" إلى أن العراق هو أكثر البلدان تأثراً بالهجمات الإرهابية خلال السنوات العشر الأخيرة، تليه باكستان وأفغانستان والهند واليمن.

وبحسب مؤشر الإرهاب، فإن عدد الهجمات الإرهابية تضاعفت اكثر من اربع مرات كل سنة على مدى عشر سنوات منذ هجمات أيلول 2001، وان ذروة الهجمات الإرهابية وما حصدته من ضحايا كان عام 2007 حيث المعارك وصلت إلى اشدها في العراق، وبدأ معدل الهجمات الإرهابية بالتناقص منذ ذلك العام، حيث انخفض عدد الضحايا في العام 2011 ، بنسبة (25%) عن العام 2007، ويشمل هذا الرقم المنفذين للعمليات الانتحارية كذلك.

ونقلت وكالة رويترز عن مدير معهد الاقتصاد والسلام ستيف كيليلي، قوله "إن الهجمات الإرهابية انخفضت بعد هجمات أيلول 2001 ورجع الوضع إلى ما كان عليه قبل عام 2000 ولكن بدأ بالتصاعد بشكل دراماتيكي منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003"، مضيفاً أن "ثلث ضحايا الإرهاب الذين قتلوا على مدى العشر سنوات الماضية هم من العراق وان مجموع ضحايا الإرهاب في كل من العراق وباكستان وأفغانستان يشكل نسبة 50% من ضحايا العالم".

وتذكر الدراسة أنه "في العام 2002 وصل عدد العمليات الإرهابية إلى 982 عملية مسببة مقتل 3,823 شخصاً في حين ارتفعت العمليات الإرهابية عالميا في العام 2011 لتصل إلى 4,564 عملية مسببة مقتل 7,473 شخصاً.

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت في 29 شباط 2012، عن مقتل وإصابة 308396 عراقياً خلال أعمال عنف "إرهابية" وعمليات عسكرية شهدها العراق منذ العام 2004 حتى نهاية 2011 وأكدت أن العام 2006 سجل أعلى نسبة قتلى فيما سجل 2011 أدنى نسبة.

يذكر أن الإحصائيات شبه الرسمية التي صدرت خلال السنوات الماضية تشير إلى أن أعلى نسبة قتلى سجلت خلال عامي 2006 و2007 اللذين شهدا أعلى معدل لأعمال العنف منذ بدء حرب الولايات المتحدة على العراق عام 2003، لكن لم تصدر بعد أي حصيلة دقيقة ونهائية بشأن عدد القتلى والجرحى، فضلاً عن عدد المعتقلين، والمفقودين، والمعوقين.

اما فيما يتعلق بأداء المؤسسات المعنية بالخدمات، فان التقارير تظهر ان العاصمة العراقية بغداد هي الاسوأ من بين دول العالم في مجال الخدمات والنظافة، اذ أفاد مؤشر "ميرسر" بان "العاصمة العراقية بغداد فقد كانت الأسوأ ليس فقط على الصعيد العربي بل حتى العالمي وذلك للعام الثاني على التوالي، فيما تصدرت دبي قائمة أفضل المدن العربية".

وبين أن "أغلب المدن في العالم العربي تراجعت على مستوى الترتيب العام كأسوأ مدن من ناحية المعيشة والبنى التحتية وخصوصا دمشق والقاهرة والمنامة وطرابلس وصنعاء، والتي تأثرت جميعها بالربيع العربي وتداعياته الاقتصادية والأمنية".

وتعمل منظمة "ميرسر" على إعداد هذه التصنيفات لمساعدة الحكومات والشركات في تقدير الرواتب المناسبة لموظفيها عن طريق الحصول على صورة واضحة لمستوى المعيشة في تلك المدن.

وتعليقا على نتائج التقرير الذي رفضه مسؤولون عراقيون، نقلت محطة العربية التلفزيونية عن البرلماني العراقي بولاية فيينا عمر الراوي قوله "أشعر بالفخر بأن المدينة التي أعمل بها كسياسي وأبذل جهدي في تقديم الخدمات البلدية لأهلها (فيينا) تنتخب للمرة الرابعة على التوالي كأفضل مدينة في العالم".

وعن بغداد، يقول الراوي المولود فيها، "يعتصرني الألم بأن تكون بغداد المدينة التي ولدت فيها أسوأ مدينة في العالم. وهنا لابد أن يسأل ساسة العراق أنفسهم لماذا بغداد في ذيل القائمة وقعر التميز؟".

وأضاف الراوي وهو مهندس وعضو في المجلس البلدي لفيينا في تصريحه أن فيينا كانت "قبل 12 سنة في المرتبة السادسة عالمياً ثم الرابعة ثم الثانية والآن ومنذ خمس سنوات نحن في المرتبة الأولى".

وتابع "اعتمدنا في سعينا للتميز للمحافظة على البيئة أولاً، فمياه الشرب في فيينا، الأولى في العالم، تأتي من خارج فيينا حيث منابع المياه الطبيعية. ولدينا أفضل شبكة مواصلات داخلية ولدينا مشروع متكامل لإعادة تدوير النفايات للاستفادة القصوى منها".

ثم ختم الراوي قائلاً إن ميزانية فيينا السنوية 12 مليار يورو وهي تعادل ميزانية دولة تونس، مضيفا أنه على الساسة العرب أن لا يختزلوا التميز والنجاح بأطول جسر وأعلى برج وأضخم مسرح بل بتقديم أفضل الخدمات للمواطنين.