مجموعة إنسان الثقافية تزور محافظة الأحساء

 

 

 

 

 

 

ما أجمله من عناق للثقافة والحضارة والتراث والزمن ، بين عراقة الماضي وإشراقة الحاضر ، بين رائحة طين الأمس وقوة بناء اليوم ، بين أرشيف الإنسان اللاحق ، وخطط الجيل الواعد ، وبشتى الأنواع والأذواق والأرقام والطرق ، وهذا ما حصل وتجلى , وما شهدناه ولمسناه وشعرنا بوجوده بيوم الجمعة الفائت في الثامن والعشرين من ذي القعدة عام 1434 هـ ، الموافق للرابع من أكتوبر 2013 م ، بعد أن قررت كوكبة من المثقفين والأدباء والفنانين والإعلاميين والتشكيليين والمفكرين السعوديين والخليجيين والعرب ، والذين يمثلون مجموعتي إنسان وثقافة إنسان بقيادة مدير الفريقين الكاتب والروائي السعودي فوزي صادق ، وبعد أن اجتمعوا من أشتى أطياف المنطقة الشرقية والمنطقة الوسطى ، كالدمام والقطيف والخبر والرياض والأحساء ، بتعدد وتنوع أعمارهم وأجناسهم وأفكارهم وانتماءاتهم وبصماتهم العلمية والثقافية والأدبية بالفن والإعلام ، وما ألف بينهم ولملم شملهم إلا حقيقتهم الإنسانية ، ومكنون مكارم الأخلاق التي غرست بأرواحهم ، فاجتمعوا تحت فكرة " ثقافة إنسان " ، أولاً الاعتراف بالأخـر ، ثم بأخوة الإنسانية والثقافة ، وشركاء الأرض والمستقبل ،  والبحث والمعرفة بالتجربة ، والتعمق بجذور التاريخ ودهاليز الإنسان المعمر للأرض لبناء

 

لقد انطلق الفريق من مدينة الدمام ، وحطوا رحالهم قبل الظهيرة بقاعة جمعية الثقافة والفنون بالأحساء ، وأنتشوا الفرحة والسعادة بلقاء مجموعة من أصدقائهم ومعارفهم من أدباء وفنانين وتشكيليين ومفكرين بأجمل مظاهرة فنية رسمها الإنسان الجميل ، وهو معرض الفنان الأحسائي المخضرم ، الأستاذ أحمد السبت ، حيث تبادل الجميع وجهات النظر باللوحات المعروضة بالمعرض ، وطرحت بعض الأسئلة الفنية والتي أجاب عليها الفنان أحمد سبت ، وبعد ذلك توجه الفريق إلي مشتل أمانة الأحساء النموذجي بطريق قطر ، وكان في استقبالهم أبن الأحساء وسليل كرمها  المهندس عبدالله العرفج ، وكيل أمانة الأحساء ، ومجموعة من موظفي الأمانة وبعض الإعلاميين والنشطاء ، وبعد أداء الصلاة ، تمت عملية تلاقح الأفكار والأذكار بين عقول الحضور في عملية سرد نهر معلوماتي جار من نبع عقل المهندس عبدالله ، وقد صب بعقول الحضور العطشى ، وكأنها ملحمة لمعشوقة إنسان على الأرض وهي سندريلا النبات " النخلة " ، وقصتها مع التربة والماء بالحضر والحاضر ، وما واجهته من عراقيل ومشاكل بالماضي ، وما ستواجه مستقبلاً ، وماهي أنجع الحلول الزراعية والعلمية والفنية ، وماهي الدراسات والاستشارات المطروحة ، والتي أتخذها وسيتخذها أبن الأحساء كي تستمر قصته مع  معشوقته النخلة على تراب هجر الطيبة  .

 

بعد تناول مأدبة الغداء بضيافة وكيل الأمانة ومعاونيه الكرام ، تم التوجه إلي مركز النخلة التراثي ، والذي تحتضنه واحة النخيل الخضراء ، وكان في استقبالنا ابتسامة أبن تراث الأحساء وأرشيف نخيلها ورجالها وحضارتها ، وسفير الأدب الهجري المهندس عبدالله الشايب مؤسس المركز ومديره ، والمعهود باحتضانه وتبنيه ودعمه عدة مشاريع تراثية وحضارية تهتم بالنخلة والأرض والوطن ، ووقوفه خلف كل بادرة  تنمي وتطور الأحساء وأبنائها ، ومافيه صالح الوطن الغالي ..  وبعد أن أدينا صلاة المغرب وقضينا وقت من الراحة باستراحة الأعلامي الفذ حسن بوجبارة ، ثم التوجه إلي متنزه الملك عبدالله البيئي ، والذي عرف وأشتهر بنافورته الراقصة الكبرى ، والتي سجلت رقماً عالمياً بأرتفاعها ، وطول أفعوانيها البالغة أكثر من ستمائة متر طولي ، وعرفت الحديقة أيضاً بالقرية التراثية وتسجيل بعض الأرقام العالمية كأكبر جرة فخار ، وما إن بدأت النافورة تتراقص ، حتى رقصت أرواحنا مع رقص الماء على أنغام السلام الوطني وأنشودة وطنية ، وكان برفقتنا بعد أن أستقبلنا صاحب الابتسامة أمين الأحساء معالي المهندس عادل الملحم ، والذي أخجلنا بكرمه وحسن استقباله ، وسعة صدره لأسئلة الحضور ، ثم أحتسى الجميع الشاي الإحسائي العريق بأحدي الجلسات الخضراء ، وتم تبادل المعلومات والآراء ، وطرح الأمين عدة أفكار ومشاريع واعدة بالأحساء ، وللمواطن السعودي ، رجل وامرأة ، حيث تحدث عن مشروع أول مدينة صناعية للمرأة السعودية ، وبعض المشاريع الحديثة بشاطئ العقير التاريخي ، وخطط تنموية يجري الأن تطبيق البنية التحتية لها بعدة أماكن بمنطقة الأحساء ، وسوف تحدث نقلة نوعية بعالم الصناعة والسعودة بالمنطقة.           

سأكون منصفاً لما شاهدته كمواطن يطلب الجميل من هذا الوطن الجميل، لا إعلامي يريد ملء وريقات للصحافة .. حقيقة لا أستطيع حصر ما أبصرت في كلمات ، أو إيجاز الواقع المضيء بتعبير ، أو أن ألوي عنق قلمي كي يكتب كل ما بداخلي من شعور وانبهار مما يجري على  الواقع ، إنه حب وإخلاص ووفاء أهل الأحساء لهذه النخلة ولهذه الأرض ولهذا الوطن ، وهذا ليس بجديد عليهم ، فقد ورثوه من أسلافهم حتى أنتقل إلي ذراريهم ، والمتتبع والملاحظ لمشاريع التنمية والتطوير بمنطقة الأحساء مؤخراً ، كشوارع وجسور وأنفاق وحدائق وأرصفة وتطور عمراني ، وما وجدناه من وجه جديد لشاطئ العقير يذهل العقول ، وعدة مشاريع تنموية وصناعية واعدة داخل الأحساء وخارجها ، فالمنطقة مقبلة على تغيير وتطوير أوجه الحياة بسرعة ، وهذه بصمات جميلة ترفع الرأس تشكر عليها الأمانة بقيادتها الجديدة النشطة بإدارة الأمين ووكيله ومن هم خلف الكواليس ، وبإشراف مستمر من لدن المحافظ  سمو الأمير بدر بن جلوي آل سعود ، وأراهن إن  كل من يتوقف بهذه الدوحة الخضراء سيلاحظ الفرق بين الأمس القريب واليوم الجميل والغد الأجمل أن شاء الله ، وسيبدي رأيه وسيعترف ويقول  " هنا يوجد رجال حقيقيون يريدون الخير لهذا الوطن  " ، وسيأتي يوم تكون أمانة الأحساء قدوة لباقي أمانات المملكة ودول الجوار ، ومن هنا يسعدني أن ألقي برسالة إلي معالي المهندس السابق فهد الجبير الموقر وأقول له : شكراً سيدي على كل شيء ! وأعلم إن بصماتك باقية ، وأن خلفك رجالاً يحتذون بحذوك ، وسيكملون ما بدأت ، والإحساء بأيدي أمينة ، فسيروا على بركة الله ، وننتظر المزيد من الخير والتنمية والعطاء للأحساء ولأهلها ، ودام عزك يا وطن .