العقل العربي يغوص في وحل قانون القبيلة, حال أغلب الزعامات العربية, لا سيما الحكومية منها..سعي دؤوب للتوريث أو لإعطاء مساحة أكبر للأبناء في التحكم بمصير البلدان لبسط نفوذهم, وتعد هذه الحالة تراجع واضح عن مفهوم الدولة والتعاطي بمفهوم سلطوي قبلي يحقق الطمأنينة للزعيم وراحة البال من التفكير بخيانة أو إنقلاب على شرعيته (السماوية).
أحمد واللص الخطير..!
رواية تشبه حكايات أنصاف الآلهة الذين لا ينجبون إلا أشباهاً لهم, ففي الوقت الذي تعجز الفرق الخاصة وألوية الرد السريع من كبح جماح أحد لصوص المنطقة الخضراء؛ ينبري له السيد (أحمد نوري المالكي) ليقضي على الأسطورة الخطيرة, ويصادر مليارته الستة, غير عابئاً بمسدسات وأسلحة ذلك الوغد..هذا ما حصل في منطقة الوطن الخضراء (وكل خضراء مذمومة إذا قرنت بمنبت سوء!), وبحديث مباشر من سيد تلك المنطقة المترفة. ما نسأله للمعنين: ما هي الصفة التي تحرك بها (أحمد) لتطبيق القانون؟..بالتأكيد؛ فالأسم الثلاثي واللقب هو الذي أتاح له –دون سائر العراقيين- الحرية فيما يفعل, فنحن في ظل دولة مستنسخة من ركام سلطة البعث الصدامي, لأبن الرئيس فيها الحق المطلق, ولا قانون يعلو على قانون العائلة..!
ركب أحمد؛ فلتزغرد الماجدات..!
يبدو إن البطولة تخضع لمنطق الطبقة, فعندما تكون من طبقة السادة أو النبلاء تستطيع إن تكون بطلاً فطرياً, ولعل العلوم والمعارف تصبح جزءاً من الشخصية الفذة لرجل لا تنازعه الرجال بل تتنازع حوله, فصار أحمد (قائداً) بالفطرة؛ وعالماً بالفطرة؛ و"ضابطاً بالفطرة"...عندما (يركب) أحمد –حسب تعبير والده- فالنصر حليفه لا محالة..الأمن وأشياء أخرى بحاجة له؛ إذن: فالعراق بحاجة لنجل الرئيس وليس لجميع أبناء الوطن, هو الدافع الضيم, الرافع الأذى, المعيد الحقوق.
زغردن يا حفيدات "شبعاد" لبطلنا الوارث صفاته من كسيح العوجة..! وما أشبه اليوم بالبارحة؟ أبن الرئيس يدخل بورصة الأرقام السياسية, وقد يُفرض, غير إننا من سيدفع ثمن وجوده..هكذا دورة حياة الطغاة, تتوقف معها حياة الشعوب بإنتظار زوالهم لتستأنف رحلتها الإنسانية.
إن طرح السيد المالكي لنجله بالطريقة التي عرضها من خلال أحدى القنوات الفضائية, تعد محاولة تتضمن أبعاد كثيرة, منها: سعي لجوج لولاية ثالثة مهما كان الثمن وبمنظومة جديدة؛ ونية مبيتة لإرساء دعائم الحكم الأوتوقراطي والتنصل التدريجي من الديمقراطية؛ ومحاولة تصدير "الوريث" لمواقع قيادية مهمة في المرحلة المقبلة للإمساك بتلابيب الوضع, لجعلها عقيمة..مجمل ما قاله الرئيس مفاده: "يا شعبنا الكريم..أنها مرحلة حكم العائلة الحديدية"..!