أكتوبر خبز وحرية

 

المسؤول الحزبي ، امضى وقتا طويلا  لكي يعلم الفلاح سرحان نشيد أكتوبر خبز وحرية تمهيدا لإقامة حفل في صريفة الأخير ، تضامنا مع الأصدقاء "السوفيت " لمناسبة  اندلاع ثورتهم الشهيرة ، وإقامة نظامهم الاشتراكي ، سرحان واجه صعوبة في البداية في لفظ مفردات النشيد ،  وبمساعدة شقيقته  "رمانة"  التي كانت معروفة بذكائها ،  استطاع تجاوز العقبات ، وبتكرار التمرين والإنشاد بصوت عال  استكمل الاستعداد ،  واخبر الرفيق انه اصبح جاهزا للاحتفال ، وادى النشيد أمام  المسؤول بحماسة  لفتت انتباه المستمع ،   الذي أشاد بالإداء واثنى عليه  مع توصية ، لا تخلو من نصيحة حزبية باختيار طبقة صوتية منخفضة ، خشية "إثارة الرجعيين وأعداء الاشتراكية" . 
 سرحان فقد والديه بحادث انقلاب باص الخشب المتوجه  إلى مدينتي النجف وكربلاء  لإداء زيارة المراقد الدينية ، والحادث حمّله في وقت مبكر مسؤولية  رعاية شقيقته رمانة  فرفض الزواج ،  لحين حصولها على ابن  الحلال ، ثم بعد ذلك يلتفت لأموره الشخصية ، ويقرر الارتباط بشريكة  العمر على ان تكون  من خارج عشيرته ، لوصوله إلى قناعة  تامة بان الأقارب وأبناء العمومة   لم يقفوا معه بعد فقدانه  والديه ، وذات الموقف اتخذه  كشرط  للموافقة على من يتقدم لطلب يد رمانة . 
ابن عم سرحان  سويلم  كان يود الارتباط برمانة ، ولكنه لم يلمس وجود استجابة  لرغبته ، من قبل ابنة عمه وشقيقها ، ومحاولاته في الظهور بدور العاشق ،  والتردد المستمر على صريفة الحبيبة من طرف واحد  باءت بالفشل ، فاضطر إلى الاستعانة برجال القوم  لتحقيق أمنيته ، وحدد موعد "المشية" قبل يوم واحد من الاحتفال بثورة أكتوبر، سويلم كثف اتصالاته  واستعان بالوسطاء  وأصحاب "الحظ والبخت"  لتحقيق أمنيته ،  وأسفرت مساعيه عن  حصوله على موافقة استقبال المشاية  ولكن  بعد مرور شهر كامل .
 مساء الاحتفال بثورة أكتوبر ، لفت انتباه سويلم وصول ضيوف من الأفندية ،  وبصحبتهم  ثلاثة رجال من قرى مجاورة  إلى صريفة سرحان ، فانتابته الشكوك  في ان يكون الضيوف مشاية  لطلب يد رمانة ، وعندما اقترب من الصريفة سمع حديثا لم يفهم منه شيئا ، وما أثار استغرابه ان الفتاة كانت تشارك الزلم في الحديث والضحك بصوت عال ،   وبعد مرور اكثر من ساعة على   وجوده بجوار الصريفة   سمع الجميع يغنون ، وكان سرحان صاحب الصوت الأعلى ،  فتيقن بان خطبة رمانة لشخص اسمه" توبر"  تمت بمباركة الشقيق  ، فعاد سويلم  إلى أهله ليخبرهم بما سمعه ،  فحشدهم لشن صولة  ليلية  يعلن خلالها انه "نهاي " وعلى استعداد لقتل  خطيب رمانة . 
 قبل دقائق  من حلول ساعة الصفر لتنفيذ الصولة ، انتهى الاحتفال  بثورة أكتوبر في صريفة سرحان ، وغادر الضيوف المكان قبل وصول " قوات سويلم"  للإطاحة  بمخطط خطبة رمانة  ، وفي لحظة المواجهة   وتبادل الاستفسارات والتساؤلات لمعرفة حقيقة الأمر ،  طرح سرحان شرط  قبول سويلم زوجاً لشقيقته  بتعلمه نشيد أكتوبر خبز وحرية ، فكان شرطا تعجيزيا، والشاهد تاريخ  العراق السياسي الحديث ،  وتكرار صولة "قوات سويلم" على صريفة سرحان ورمانة .