بصرتنا.. والشرطي بلاتر

 

مع إن الفرح يغمرنا والتفاخر يطير بنا إلى قمم الرضا بافتتاح مدينة المدن الرياضية البصرة أمس السبت في كرنفال أشعرنا إن الشعب كله تسلق (جذع النخلة) مشروع العراقيين الأكثر جمالاً وهندسة وقيمة تاريخية على صعيد البنى التحتية للعبة كرة القدم ، فإننا افتقدنا حضور أخوة لنا يشاركوننا الفرحة ذاتها ولا يكلفهم سوى قارب صغير ليحلوا بين ظهرانينا لبلسمة الجراح التي خلفها قرارهم بسحب خليجي 22 إلى جدة مع احتفاظ البصرة حق تضييف الدورة 23.
وكنا نترقب دوراً ايجابياً ومرناً من اتحاد الكرة يعلن فيه تضامنه مع الجهد الوطني الموجّه لإنجاح كرنفال المدينة الرياضية وتعزيز مساعي وزارة الشباب والرياضة وأعضاء مجلس محافظة البصرة لإظهار حفل الافتتاح عملاً نموذجياً واحترافياً قلّ نظيره في المنطقة وذلك من خلال التنسيق والمتابعة والدعم اللوجستي بوقت مبكر لدعوة ضيوف الحفل وفي مقدمتهم رئيسا الاتحادين الآسيوي والعربي لكرة القدم ورؤساء الاتحادات العربية والخليجية خاصة ليكونوا شهوداً على (الجوهرة) المعمارية في القرن 21 وكفاءة العراقيين وشغفهم لممارسة لعبة دفعوا الدماء ابتهاجاً لانتصاراتها ، ونسدي رسالة واقعية للإخوة الخليجيين بأن سحب خليجي 22 لن يكون نهاية علاقة العراق بهم التي تجذرت منذ عام 1976 حتى الآن ، بل بداية لتحويل التحدي الذاتي إلى منهاج عمل ملموس ومنظم وفكر عقلاني مشذب من الربح والخسارة في علاقات يفترض ان تكون مهنية وليست شخصية لان العمل مهما كانت أهميته يبقى تطوعياً سواء في الوزارة أم الاولمبية ام الاتحاد ولا يمكن قبول التنافس بطريقة ( مَن بذل جهداً أكثر من الثاني أو مَن سيكون البوّاب لملعب البصرة الدولي ) ؟!
إن مشاغلة الناس بقضية (فيفا) الذي قدم بلاغاً إلى اتحاد الكرة يطالبه بتوضيح أسباب إقامة مباراتين دوليتين في البصرة بمشاركة ناديي الزمالك المصري والعهد اللبناني على أساس تعارضهما مع قراره الأخير في 3و4 تشرين الأول الحالي برفض إقامة المباريات الودية الدولية في بلدنا ، نعده إقحاماً غير مبرر إطلاقاً ويروم إفساد عرس حبيبتنا (البصرة)، فتقمّص بلاتر دور الشرطي على اتحاد الكرة دون الاتحادات الأخرى يجب وضع حدٍ له، وكلنا يعلم أن بلاتر عرّاب اللقاءات الفلسطينية - الإسرائيلية التي يكسب منها حملات دعائية كلما قربت دورته من النهاية بالرغم من الظلم الكبير وعذابات الأسرى المرتهنين في سجون المحتل وما يمارسه من قمع ضد أبناء فلسطين الحرة ، فكفى ازدواجية (فيفا) في ملف العراق.
وتناغماً مع حكمة الدكتور باسل عبد المهدي في حديثه الذي نشرته (المدى) الاثنين الماضي تعقيباً على مقترحنا بتشكيل لجنة من الخبراء لمواجهة (فيفا) بملف متكامل لرفع الحظر الدولي عن العراق بتأكيده على أن " إعادة منتخباتنا للعب في بغداد تستلزم جهوداً سياسية ودبلوماسية " فإن إشارات موثوقة كشفت عن وجود تحرك وشيك لبلورة صياغة نهائية لشكل اللجنة وأهدافها وآلية عملها، وهنا نطالب الحكومة التي ستأخذ على عاتقها دراسة ملف الحظر وتفعيل أدلة الإقناع ميدانياً أن تنتدب محامياً ضليعاً بالشؤون الدولية لرفع قضية أخرى لدى محكمة (كاس) تطالب (فيفا) بدفع تعويض للعراق جراء الضرر المادي الذي لحقه قراره الجائر منذ عام 1984 حتى الآن بإجبار المنتخبات الوطنية على اللعب خارج أرضنا وما كلفنا من مبالغ طائلة تخص (الفنادق وتذاكر الطائرات والطعام وضيافة المنتخبات المنافسة لنا )، واعتقد أن الأمانة المالية للجنة الاولمبية الوطنية لديها كشوفات كاملة عن نفقات اتحاد الكرة الخاصة بالمباريات الدولية والودية المشمولة بقرار (فيفا) يمكن عمل خلاصات لها لتقديمها مع الشكوى.
لتكن مناسبة افتتاح مدينة البصرة الرياضية فرصة للجميع لنبذ الخلافات وعدم السماح لضعاف النفوس من خارج الحدود العبث بملفي دورة الخليج والحظر فكلاهما سياديان ، ومن حق الحكومة والوزارة والاولمبية واتحاد الكرة الاجماع قريباً على مصلحة كرتنا، واختيار الحلول البديلة بلغة تفاهمات منطقية غير متعصبة وتستشير كبار الخبراء في الرياضة لوضع نقاط حاسمة تضمن عودة دوران الكرة الدولية في ملاعب العاصمة والمحافظات من جهة وتنقـّي العلاقات مع المحيط الخليجي الرافض لبيان الانسحاب والتوّاق لوجود أسود الرافدين في دورة كأس الخليج لزيادة الإثارة الفنية وتطوير المستوى والاستفادة من دروس المشاركة ، وليس غريباً على أبناء الرافدين تسامحهم وطيبتهم وصبرهم الجميل على الأشقاء.