دماء على أرصفة بغداد |
بالتأكيد ان العنوان الذي نتحدث عنه فيه الكثير من الألم والتشاؤم بمستقبل ربما يكون لونه بلون الدم، غائم ضبابي، ولكن لابد من الحديث عنه والخوض فيه كونه واجب علينا ان نقف امام الحقائق وتداعياتها كما هي ولا نجمّل الوضع على انه ربيع الحياة خصوصا وان المنطقة العربية كلها تغلي برياح مسعورة تقف خلفها التنظيمات الارهابية ممولة من دول عديدة وقد تكون المنطقة الاخطر اشتعالا هي التي تحيط بالعراق الممتدة من تركيا الى بلاد الشام نزولا عند منطقة دول الخليج العربي وليس خافيا على الرأي العام ان بعض الدول الخليجية تقف وراء هذه الموجة من القتل والدمار تمويلا وتخطيطا واستعانة بدول العالم الكبرى من اجل الوصول الى تنفيذ مخططاتهم التي يريدونها ولعل الدور الكبير الذي مارسه رئيس المخابرات السعودية فيما يخص الشأن السوري من خلال رحلاته المكوكية الى العديد من الدول ذات الشأن السياسي في مجلس الامن ولديهم سلطة القرار الدولي كان واضحا جدا انه يريد ان يغير معالم المنطقة المحيطة بنا سياسيا بل وحتى عقائديا وقد تكون هي النقطة الفاصلة في الارادة التي يبحثون عنها للوقوف كما يسمونها بوجه المد الايراني باتجاه الامتداد الى الدول العربية حتى البحر الابيض المتوسط وبالأخص بعد قيام حكومة منتخبة في العراق أفرزت دورا كبيرا للأغلبية ذات المكون "الشيعي" التي لا تريدها تلك الاجندات الخارجية محاولة منها إبعادها عن ساحتهم قدر الامكان لأنها تسبب لهم الكثير من المشاكل على المستوى الداخلي في دولهم . ان الذي تمارسه التنظيمات الارهابية المرتبطة بالدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) هو ابشع صور نزيف الدم والصورة الواضحة لعديمي الانسانية على المستوى العالمي فلا اعتقد ان دولة في العالم انتقلت من مرحلة انظمة الاستبداد الى مرحلة نشوء الديمقراطية قد تعرضت لمثل تلك الهجمة الشرسة والتصفيات الجسدية كما مر به العراق وهذا يدل على ان التحول الكبير في الشأن السياسي العراقي تكالبت عليه دوائر استخبارية لدول هي من المنطقة ومن خارجها ما جعل هذه الدماء الطاهرة لأفراد الشعب العراقي تسيل على أرصفة شوارع بغداد العاصمة وهو النتيجة الحتمية لصورة الخلافات المستعرة على الساحة العراقية بسبب التحاصص الحزبي والطائفي البغيض في اطار العملية السياسية الامر الذي فسح المجال واسعا امام المنظمات الارهابية للتفنن في طريقة القتل والتدمير . هذه الصورة القاتمة المصبوغة باللون الاحمر لن تكون هي خاتمة التراجيديا الحزينة طالما ان الارهاب الدولي وتمويله قادران على تغيير الواقع في أي وقت شاؤوا وأرداوا وخصوصا المحاولات الكبيرة التي يحاولونها في نزع فتيل الحرب الطائفية وهو ما تبشّر به اغلب صحف العالم على ان القاعدة قوية وقادرة كي تكون رقما في المعادلة وهذا بطبيعة الحال سيكون المشروع المدعوم بكل الوسائل من قبل دول خليجية محددة لها الرغبة الاكيدة في وصول العراق الى مرحلة النزاع المذهبي وتدمير البنى التحتية للدولة العراقية حيث لا تقوم للعراق قائمة بعدها وهذه ليست تمنياتهم التي يتمنونها وانما هي مخططات يجري العمل عليها منذ اللحظة التي سقط فيها النظام السابق حين توجسوا الامر بأن واقعا سياسيا سوف يغلّف وجه المنطقة من جديد ووفقا لما هو مخالف اهوائهم وامتداداتهم السياسية عربيا كونهم يعرفون من هو العراق وماذا يعني اذا عاد الى وضعه الطبيعي كدولة لها ثقلها التاريخي والسياسي ،، والحل الافضل عندهم ان يبقى مشهد الارصفة الحمراء المختلطة بالدم في شوارع بغداد قائما. هذا هو الواقع الذي يريده هؤلاء ومن معهم من الاجراميين ولكنني اتمنى من الله ان يحفظ العراق وتبقى ارصفة شوارعه واحياءه بيضاء كالثلج تنعم بالحرية والامان . |