ليس من المهم معرفة دوافع وأسباب القوى الإرهابية وعملياتها الأنتقامية التي لم تقم وزناً للإنسانية, فمارست هوايتها بالقتل العشوائي لفرض معادلة الرعب..كأنها في حالة حرب مع السماء..الله يخلق وهؤلاء يريدون القضاء على خلقه..!
نجاح الإرهاب في تحقيق أهدافه بحاجة لعوامل مساعدة تتيح له الحرية والنشاط, ولا يمكن لقواه الذاتية أن تسلّط رؤيته في الميدان..معادلة تتفاعل أطرافها لتنتج حالة من الفوضى أو (اللادولة). ثنائية نستطيع تسميتها "ثنائية الشر والتخاذل", وكما يعبّر المفكر الإيرلندي (إيدمود بيرك) "الشيء الوحيد الضروري لأنتصار الشر؛ أن لا يفعل الرجال الجيدين شيء".
من الطبيعي إن تتعرض التجارب الفتية لمعرقلات جمة بغية تقهقرها, غير إن الدولة ومؤسساتها معنية بوضع الخطط الضامنة لسير عجلة التقدم, ولعل الحكومات تفشل بذلك أو تتلكأ بالتنفيذ, بيد إنها سرعان ما تقرّ وتبحث عن بدائل ناجعة, أو تستقيل. أهداف رجل السلطة؛ وعقيدته السياسية؛ أضافة إلى قدرته على التعاطي مع الحكم كرجل دولة لا حزب, أمور تحدد نسبة النجاح والفشل في الحكم.
"السيد المالكي" يمارس السلطة بوحي من الإيدلوجيا الضيقة, ولو تمعنّا في مفاهيم "حزب السلطة" سنجد أن المفردة الأولى والمرتكز الأساسي الذي تبنى عليه العقيدة الحزبية هي قيادة الحزب للأمة –بشكل عام- وتعد مبدئاً جوهرياً لا يمكن التراجع عنه..إن نظرية "الحزب القائد" تتقاطع مع روح النظام الديمقراطي القائم على تحكيم الشعب, وتظل الشخصية الحزبية تعاني من "جفاف العقل من وشلة تسامح أو إنسانية". لذا ستكون هناك هوة واسعة بين الهدف الجمعي المعبّر عن تطلعات الناس, والهدف الحزبي المنشود.
من يحلم بالأمن والطمأنينة واهم؛ فالرئيس يتجاهل الحقائق المذهلة التي لو أعترف بها لفقد الكرسي. أحداث بسيطة تحدث في بعض البلدان, تُعطل على إثرها الدولة برمتها, بينما تتعرض بعض المدن العراقية إلى أبادة شاملة وتتخم الأرض بالجثث والأشلاء, والحكومة تهرب إلى الأمام بتضخيم برنامج بسيط يصرف النظر عن أصل الكارثة, ولاشيء آخر غير التهم المثيرة لأطراف بعينها!؟..الرئيس يجيد الكلام, وما هي إلا وثبة واحدة على منصة (الخداع الوطني) لتختلط الأوراق ويتناسى الشعب هول الفاجعة وينشغل بالإعداد لحرب طائفيةً, بعد أن بيّضت صورة الحاكم المُسودة ببارود الموت والمعتّقة بنزيف الجرح.
الحكومة تفشل بطريقة دراماتيكية وبتوالي مريب, فمرة سجون مكسورة وأخرى دماء بريئة مهدورة تتبعها خطبة رنانة في تشخيص الخصوم والعتب على الآخرين!.. لم تعد الثقة حاضرة في البحث عن أسباب فشل "حزب السلطة", ولعلها مقصودة؛ بغية الإبقاء على نسخة أحتياطية من مفتاح الحكم, فهو تحالف دعاة الموت ودعاة السلطة ومتى ما خنع الشعب سكت (خوار) الخطيب ودوي المفخخات.
في ظل ولاية المالكي سادت الهويات الثانوية, ولو تبودقت في الهوية الأم لما أستمرت هذه الحكومة يوماً واحداً, لأنها فاقدة لأي منجز تباري به القوى المنافسة. لا خروج من هذا الواقع إلا بغياب نهج "الحزب القائد" وإبداله بالنهج المؤمن بالتعايش السلمي والشراكة المصيرية بالقرار, عندها تفقد معادلة الشر طرفها المهم فتتحطم.
|