معضلات قانونية كثيرة رافقت ما يسمى ثورات الربيع العربي, تحولات كبيرة تتطلب تبديلاً جذرياً المواؤمة بين الحقوق القائمة والدساتير ورؤية الجماعات الإسلامية, سلطات أنتهجت مفاهيم حاولت فرضتها بالتطرف, تتعارض قوانينها مع المفاهيم الديموقراطية, السيادة والشرعية مفهومان ينجبها الشعب, فيما ينظرها الإسلاميون المتطرفون إنها نوع من الخلافة والوصاية على الإمة لا مناقشة فيها. الدساتير العربية حتى في الدكتاتوريات تتحدث (إن الشعب مصدر السلطات ) ويعني إنه صاحب السيادة ومنطلق تحديد شرعية الحاكم, ما حدث في مصر وخلع (الشرعية) في منظور جماعة الإخوان من قبل الجيش المصري, يعتقد المناصرين لمرسي إنه تجاوز على الدستور وهذا لا يختلف عن وجهات نظر الجماعات المتطرفة, بينما يرى الفريق الأخر إن الجيش في إستقلال ساند الرأي الشعبي, لم يدرك إن معظم قيادات القوات المسلحة كانت موالية لسابقه مبارك, في نفس الوقت خضعت لسلطة الشعب بحيدية ولم تنساق للسلطة, محاولات مرسي لم تجدي نفعاً من تغيير بعض القيادات والمحافظين الى فريقه السياسي, ونصب احد قادة الجماعات المسلحة محافظ ما أثار ردود الأفعال في الأوساط الشعبية والليبرالية, سيما إدراكها السعي الواضح للهيمنة على مقاليد السلطة. بعد ثورات الربيع العربي كان للمنبر السياسي الإسلامي تأثير على رأي الشارع, ما فسح المجال لدخول الجماعات الإسلامية بين الشعوب مستغلة الهشاشة السياسية والفكرية للنفوذ الى قلب السلطة, بذريعة إعادة حقوق المسلمين أو حقهم في الحكم, كانت القوى المتطرفة ذراع عسكري تستقطب الشباب الأمي, لم تخفي القاعدة من دعمها للأنظمة والحركات الإسلامية بالوصول للسلطة. أيمن الظواهري وكبار قيادات القاعدة أعتبروها فتوحات وبداية قيام الدولة الإسلامية بقيادة قاعدية, إرتبطت بالجماعات المسلحة في سوريا وسيناء وتونس وليبيا واليمن ودول أخرى, التطرف لا يمتلك خطوط وسطية بالتعامل مع الأخر, وعلى استعداد للإبادة الجماعية من النساء والإطفاء, والعودة بالمجتمع الى مصطلحات تروج الى الفكر المتخلف: إستعباد الأطفال وتجنيدهم, إستباحة النساء بأسم السبايا, وإستخدامها للغرائز الحيوانية بمسميات جهاد النكاح. الظواهري في أخر تسجيل له دعا أتباعه الى عدم الإعتداء على الشيعية والمسيح والتوجه الى العدو الأول, بينما كانت الفتاوى التكفيرية تدعو الى إبادتهم في المنطقة وإطفاء كل مصابيح دور العبادة والكنائس, سانده الفكر الظلامي المتصحر من مشايخ في السعودية ومصر, إتهم القوى الإسلامية في مصر وتونس بأنهم سبب في التراجع لكونهم متصالحون جداً مع الخصوم, ايّ إنه يرفض مبدأ التداول السلمي للسلطة وصناديق الإقتراع التي تقررها الشعوب, في وقت سابق كان بالضد من حركة الإخوان في مصر وتونس لمشاركتهم العملية الديموقراطية, المتعارض مع فكر القاعدة وفرض الحكم بالقوة, طلب التصدي للتحالف الأمريكي الأسرائيلي العلماني الصليبي الذي تقوده العلمانية العسكرية, وإعتبر إستقالة الحكومة الإسلامية تحت ضغط المعارضة في تونس مأساة, ويعتبره توافق على حساب منهج الإسلام ( المتطرف) وسقوط كبير وفشل ذريع. معظم الحركات الإسلامية التي تتحرك في ثورات الربيع العربي لا تؤمن بالتداول السلمي للسلطة وترفض مبدأ حقوق الشعوب بالتعبيرعن رأيها ومصدر السلطات, وينحصر تفكيرها بمبدأ القوة والغلبة وعدم سماع الرأي الأخر, والإنقلاب على مفاهيم الإسلام التي فرضت التشاور بالأمر مع الأمة بما ينسجم مع المفاهيم التي تبيح حرية العيش والتفكير والعقائد والحفاظ على الحقوق والمساواة والعدالة الإجتماعية والإنسانية.
|